فيه ، أو كان مريضا لا يمكن إحضاره كذلك ، أو غائبا لا يدري موضعه ، أو أمثال ذلك ، ومنها عدم قدرته على إحضاره ـ من تغلّبه وتسلّطه ـ يصير بريئا أيضا ، فلا وجه للتخصيص بالموت.
والبناء على أنّ ذكره من باب المثال بعيد ، مع أنّ المناسب في المثال ذكر ما هو أخفى ، إذ يحتمل أن يكون الوجه فوت ما وقع عليه العقد وانعدامه ، وإن كان الظاهر في النظر عدم الفرق بينه وبين ما لا يمكن إحضاره.
وربّما يظهر من كلام البعض أنّ الكفيل ، إذا لم يتمكّن من الإحضار ولم يكن مقصّرا لم يكن عليه شيء ، حيث قال : ( ولو انقطع خبر المكفول لم يكلّف الإحضار ، لعدم الإمكان ، فلا شيء [ عليه ] ، لأنّه لم يكفل المال ولم يقصّر في الإحضار ، وكذا إذا مات أو سلّم نفسه أو سلّمه أجنبيّ ) (١) انتهى.
لكن في « القواعد » في صورة الهرب أو انقطاع الخبر حكم بإلزام الكفيل بأحد الأمرين ـ الإحضار أو إعطاء ما عليه ـ واحتمل براءة ذمّة الكفيل ، واحتمل أيضا الصبر (٢).
والأصل في ذلك أنّ مضمون العقد إن كان الإحضار مطلقا سواء أمكنه أم لم يمكنه ، تصير صورة عدم الإمكان ـ في الحقيقة ـ راجعة بالمال إلى إعطاء حقّه ، وما ادّعاه على المكفول ، فحينئذ يلزم بأحد الأمرين ـ كما ذكره العلّامة ـ والميّت خرج بالإجماع ، إن تمّ.
وإن كان مضمونه الإحضار إن أمكن وتيسّر ، لا إن لم يمكن ، كما هو الحال في سائر العقود ، فإن كان الكفالة لم يكن لنهايتها حدّ محدود ـ وإن كان لبدايتها
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ ـ ٢١٠ ، مع اختلاف يسير.
(٢) قواعد الأحكام : ١ ـ ١٨٣.