قوله : وأنّ لزوم الأجرة مشروط ببقاء العين في يد المستأجر منتفعا بها ، فإنّها ليست إلّا في مقابلة الانتفاع .. إلى آخره (١).
لا يقال : بمجرّد العقد صار المنفعة ملكا للمستأجر منتقلة إليه ، كما أنّ الأجرة صارت ملكا للمؤجر منتقلة إليه ، فلازم ذلك أن يكون التلف من المستأجر ، فيلزم صحّة العقد ولزوم الأجرة.
لأنّا نقول : المنفعة الّتي توجد صارت ملكا له منتقلة إليه ، لا المعدوم بالمرّة ، فإنّ المعدوم لا يكون ملكا أبدا ، والأجرة إنّما هي بإزاء الملك الموجود لا المعدوم بالمرّة ، كما أنّ المنفعة إنّما هي بإزاء الأجرة الموجودة ، لا المعدومة الّتي لا توجد أصلا ، والمستأجر شرط وعقد وعهد أن يعطي الأجرة بإزاء أن ينتفع من المنفعة ـ أي توجد عنده المنفعة حتّى ينتفع إن أراد أن ينتفع ـ والمؤجر أيضا إنّما أخذ الأجرة واستحقّها بذلك الشرط والعقد والعهد ، وبمجرّد العقد تنتقل إلى المستأجر المنفعة الّتي توجد شيئا فشيئا ، لا الّتي لا توجد أصلا ، ولا القدر الّذي لا يوجد مطلقا ، كما أنّ بعقد السلف ينتقل إلى ملك المشتري المبيع الّذي يوجد في أوانه لا المعدوم في ذلك الأوان وإن كان في وقت العقد معدوما وبمجرّد العقد صار مال المشتري وحقّه ، ومن حينه.
وبالجملة ، المنفعة أحد أركان العقد ، فلا بدّ من وجودها وتحقّقها حتّى يصحّ العقد.
نعم ، إن تحقّق المنفعة ولم ينتفع اتّفاقا أو منعه مانع عن الانتفاع ، فالعقد صحيح ، كما مرّ في مسألة الغصب.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٦١.