عدم إمكان إثبات الخيانة غالبا ، وإلّا فالحمل على التضمين من الآفات المعلومة الثابتة الخارجة عن اختيار الملّاح فبعيد ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وعلى تقدير تسليم الدلالة على العموم ، فلا بدّ من تخصيصه بالأدلّة الدالّة على أنّ الأمانة المالكيّة لا يضمن الأمين إذا تلفت من غير تقصير منه أصلا ، وأنّه لا معنى لأن يكون ذهاب مال أحد وتلفه من مال الآخر من دون إتلاف ولا تقصير.
فالخبر ـ على ذلك التقدير ـ مخالف للقاعدة الشرعيّة الثابتة المتّفق عليها ، فلو كان صحيحا بحسب السند ، صريحا بحسب الدلالة فيما ذكره ، لكان الواجب طرحه أو تأويله ، لكونه من الشواذّ ، والشاذّ يجب تركه ، مع أنّ العام إنّما يجوز تخصيصه بالخاص الّذي يكون مقاوما ، لا أن يكون مرجوحا ، فإنّ ارتكاب التوجيه والتأويل في الراجح من جهة المرجوح فاسد ، كما حقّق في محلّه.
والخبر ضعيف السند ، ضعيف الدلالة ، مخالف لفتاوي جميع المسلمين ، لو لم نقل ضروري الدين.
قوله : ولأنّ العقد يقتضي الصحّة .. إلى آخره (١).
ولأنّ التراضي وقع بقيد الصحّة ، فلا يجب الوفاء بالأجرة والالتزام.
قوله : [ كان البطلان ] رأسا متوجّها ، فيجب عدم لزومه ، وكذا له الالتزام أيضا .. إلى آخره (٢).
ليس كذلك ، لما عرفت فيما سبق في كتاب البيع ، في بحث خيار تبعّض الصفقة وخيار العيب وغيرهما (٣) ، مع أنّ هذا ينافي تعليله للإلزام بقوله : ( فإنّه
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٧٠ ، وفيه : ( ولأنّ العقد يقتضي الصحيحة ).
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٧٠.
(٣) تقدّم في الصفحة : ٢٧٥ من هذا الكتاب.