قطعا من غير دليل على الإخراج ، ولا شكّ أنّ هذا الحديث حجّة عند الأصحاب بأجمعهم ، فيكون منجبرا بعملهم وفتواهم ، فيكون حجّة قطعا وفاقا ، لما حقّق في محلّه.
وأمّا الرجوع إلى ما أمر به ، فيشمله أيضا عموم هذا الحديث ، مع أنّه لم يعلم الآن أنّه مأذون من المالك في حفظه ، إذ لم يثبت من كلامه عموم يشمل هذه الصورة بحيث يوثق به ، بل للمالك أن يقول : بعد ما خالفتني لم حفظت ولم لم تردّ إليّ؟ أو ما كنت راضيا؟! ويصحّ هذا منه عند العقلاء.
وأيضا ، بعد المخالفة خرج عن كونه أمينه قطعا.
وصدق الآن أنّه ليس بمأذون فيه ، وليس بأمينه ، بل وأنّه خائن بلا تأمّل ، وهو مستصحب حتّى يثبت خلافه ، فتأمّل جدا! هذا كلّه ، مضافا إلى الإجماع الّذي ذكره (١) ، والإجماع حجّة ، كما حقّق ، بل ظاهر أنّه إجماع واقعي من كلّ الفقهاء كما لا يخفى.
قوله : [ بل نهى عن ذلك الفعل ] ، فكيف لا يكون ضامنا؟ .. إلى آخره (٢).
قد ظهر الجواب عن ذلك ، مع أنّه غاية ما في الباب أن يكون العلّامة أخطأ في هذه الصورة ، ولا يلزم منه مخالفة ما نقله من الإجماع (٣) ، ولا تدافع بين ظاهري كلاميه ، كما هو ظاهر ، بل كلاماه (٤) في غاية التوافق.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٢٨٢.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٢٨٤.
(٣) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٩٨.
(٤) أي كلاما العلّامة ، في تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ١٩٧ ـ ١٩٨ و ٢ ـ ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، وقد ردّ المحشّي رحمهالله بكلامه هذا على المقدّس الأردبيلي رحمهالله ، حيث قال : ( فبين هذين الكلامين تدافع ظاهر ) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٢٨٢.