بالروايتين (١) أصلا ، ولا للقياس بطريق أولى ، لما عرفت سابقا أنّها من باب الإمتاع بخصوص المنفعة ، ولأنّه عليهالسلام قال : « لا بأس بالدراهم ، ولست أحبّ أن يكون بالسمن ».
على أنّ ما ذكره لو تمّ ، لصحّ الاستدلال بما دلّ على حلّية البيع وصحّته ، وكذا الصلح على صحّة الهبة ، بل بطريق أولى ، وفيه ما فيه ، فتأمّل!
قوله : والظاهر أن لا خلاف في الغنم للحلب ، فعلم أن ليس ذلك مانعا عقلا ، وليس في الشرع أيضا مانع ، وهو ظاهر .. إلى آخره (٢).
في ذلك كلّه تأمّل ظاهر ، عرفته في بحث الإجارة.
وإطلاق لفظ العارية على المنحة لا يقتضي على سبيل الحقيقة ، فإنّ الإطلاق أعمّ ، وكذا ذكرها في كتاب العارية ، إذ كثيرا ما يذكرون ما يناسب الكتاب فيه استطرادا أو مشابهة لشدّة علاقة.
والكلّ اتّفقوا في تعريفها بأنّها تبيح الانتفاع وأمثال هذه العبارة ، واتّفقوا على أنّ المنفعة في مقابل العين ، كما ظهر لك في الإجارة (٣) ، وربّما كان المتبادر من إطلاق لفظ العارية عرفا هو ما ذكرناه ، والتبادر علامة الحقيقة.
وممّا دلّ على ما ذكرنا ، عدم تعميم أحد منهم بحيث يشمل الأشجار للثمرات والزروع والحيوانات للإنتاج ، وأمثال ذلك ، بل اقتصارهم على المنحة ليس إلّا.
__________________
(١) أي : رواية الحلبي ـ المشار إليها في الهامش السابق ـ ورواية عبد الله بن سنان : مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٣٦٦ ، وسائل الشيعة : ١٧ ـ ٣٥٠ الحديث ٢٢٧٢٧.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٣٦٧.
(٣) راجع الصفحة : ٤٧٩ من هذا الكتاب.