جميع ما هو من المحتملات داخل فيها ، أعمّ من احتمال كونه مال المسلم أو كونه مال الحربي أو المعاهد أو غير ذلك ، فإنّ الشارع مع جميع الاحتمالات حلّله ، بل بسبب الاحتمال حلّل ، وبمجرّده حلّل ، والأصحاب عملوا بالروايتين وأفتوا بهما (١) ، غاية الأمر أنّه أشكل على بعض الفقهاء صورة واحدة ، وهو ما إذا ظهر كون المال لمسلم بسبب علامة مختصّة به ، فإنّه ـ حينئذ ـ ربّما لا يكون داخلا في إطلاق الروايتين ، لعدم ظهور شمول لها لما يظهر من العلامات المختصّة كونه مال المسلم عنده ، أو أنّه يظهر العموم عنده إلّا أنّه معارض لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يحلّ مال امرئ مسلم » (٢). الحديث ، وأمثاله.
والتعارض من باب تعارض العموم من وجه ، فلا يثبت الحلّية ، والأصل بقاء الحرمة.
وأمّا علامة كون المال لأهل الذمّة أو المعاهد بحيث يكون له حرمة إلى حين الوجدان في الخربة ويظهر ذلك منها ، فلعلّها ممّا لا يكاد يتحقّق ، وعلى فرض التحقّق يتوقّف على عموم يعارض الروايتين ، بحيث يغلب عليهما ، ويخصّصهما ، ولعلّه لا يوجد عنده.
لكن لا يخفى أنّ فرض وجود أثر يظهر منه كون المال لمسلم أيضا بعيد ، سيّما بأن يكون الصاحب ممّن يجوز أن يعرف بالتعريف ، وأنّ التعريف ينفع بالنسبة إليه ، وقد عرفت أنّ مدلول الروايتين وفتاوي العاملين بهما في الموضع الّذي ليس كذلك ، وكذا كون صاحبه معلوم الوجود بحيث يتصدّق عنه ، فلهذا أطلق في الروايتين بأنّ المال للواجد ، وكذا الفتاوي ، فتأمّل.
__________________
(١) لاحظ! الروضة البهيّة : ٧ ـ ١٢٠ ، جامع المقاصد : ٦ ـ ١٧٥.
(٢) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٢ الحديث ٩٨ و ٢ ـ ١١٣ الحديث ٣٠٩ و ٢٤٠ الحديث ٦ و ٣ ـ ٤٧٣ الحديث ٣.