الدرهم لا يكون كنزا ولا مدفونا ، وأيضا عبّر في الأوّلين بلفظ الدار ، ولم يتعارف التقاط الورق في الدار ، بخلاف الخربة ، فإنّها ربّما تكون ممرّ الناس ومعبرهم ومحلّ الدخول والخروج ، فإذا اتّفق أنّ رجلا وجد ورقا ـ كما هو مضمون الرواية الأخيرة (١) ـ فلعلّه اللقطة ، كما أشرنا ، فتأمّل جدّا! وممّا ذكرنا ظهر أنّ المراد ممّا وجد في المواضع الثلاثة هو مثل الذهب والفضّة ، لا مثل الثوب والقلنسوة والنعل وأمثالها ، إذ الظاهر أنّها لقطة ، فتأمّل جدّا!
قوله : إذ قد يحمل الأولتان (٢) على ما بعد التعريف ، فإنّ هذه مقيّدة به بخلافهما ، فيجب التقييد كما تقرّر .. إلى آخره (٣).
لا يخفى أنّ الكنز الموجود في الخربة الّتي جلا أهلها لا ينفع التعريف فيه ظاهرا ، بل لا ينفع البتّة بالنسبة إلى غالب أفراده ، وحمل الحديث على الفرض النادر فيه ما فيه ، على أنّ حمل المطلق على المقيّد إذا لم يكن بينهما تفاوت سوى الإطلاق والتقييد ـ وقد عرفت التفاوت ـ بحيث يمكن الجمع بنحو آخر ، بل لعلّه أقرب.
قوله : إذ الفرض عدم مالك معروف ، ولهذا قال : « أن يعرّفها » .. إلى آخره (٤).
لعلّ مراده من المعروف من يمكن أن يعرف ، على ما هو الشأن في اللقطة.
__________________
(١) أي : رواية محمد بن قيس آنفة الذكر.
(٢) أي : روايتا محمد بن مسلم آنفتا الذكر.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٤٧٧.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٤٧٩ ـ ٤٨٠.