ويظهر من الآية والأخبار أنّ كلّ بيع يصير محلّ الإشهاد ومتعلّقه ، والشهادة إنّما تكون في الحسّيات على المشهور ، أو اليقيني مطلقا على غير المشهور.
قوله : الإطلاق واضح عرفا ، وليس ذلك المعنى المشهور .. إلى آخره (١)
إذا كان الإطلاق واضحا والعرف مرجعا في الألفاظ عند الفقهاء ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ قطعا على ما صرّحوا به في كتبهم الأصوليّة والاستدلاليّة والفقهيّة ، وما هو مشاهد من طريقتهم فيها ، والأصل عندهم في البيع والعقود اللزوم وهم متّفقون في ذلك قطعا وسيصرّح به ، فمع ذلك كيف اتّفقوا هذا الاتّفاق حتّى أنّه كاد أن لا يكون بينهم خلاف؟! إذ غاية ما يكون أنّه نقل بعض أنّ ظاهر عبارة المفيد رحمهالله خلاف ذلك ، والعبارة ليست عندنا ولم يذكروها حتّى نلاحظ ونرى أنّها ظاهرة أم لا.
وعلى تقدير التسليم ـ أيضا ـ كيف اتّفق الباقون هذا الاتّفاق مع نهاية كثرتهم ، وغاية تتبّعهم وتطلّعهم ومهارتهم وعدالتهم ، بل وشدّة تقواهم وقواهم القدسيّة لا خفاء فيها ، ونهاية بذل جهدهم في أخذ الأحكام وغاية احتياطهم في مقام الإفتاء وتوصيتهم بذلك ، مع كون الحكم مخالفا للأصل والأدلّة الّتي ذكرتها ، ونهاية وضوح تلك الأدلّة وقربها إلى النظر والفهم ، بل وديدنهم الاستدلال بها في المقامات ، ومع كثرة تلك الأدلّة وعدم أمر من الشارع بما يخالفها ، بل وعدم وجدان ما يشير إلى المخالف كما ذكرت ، ومع اطّلاعهم بالخلاف الّذي بين العامّة ، بل والخلاف الّذي من المفيد ـ على ما ذكرت ـ واطّلاعهم بما هو المتداول بين المسلمين من زمانه صلىاللهعليهوآله إلى زمانهم ، وحكمهم بالأحكام الّتي ذكرت عنهم ، مثل :
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٣٩.