والعروق الّتي تكون تحت الجلدة وفوق الحلقوم عادة ، فلو كان أدخل السكّين من طرف الحلق وقطع الحلقوم بحيث لم ينقطع جلد العنق أصلا ، وكذا اللحم والعروق الّتي تحت ذلك الجلد صدق أنّه قطع الحلقوم ، ولا شكّ في أنّه ليس بذبح ، ولا يقال : إنّه ذبح البتّة ، ومعلوم أنّه ليس مراد المعصوم عليهالسلام.
وكذلك حال الودجين ، وعرفت أنّ الإطلاق ينصرف إلى المتعارف ، وعرفت أنّ المتعارف لا يتحقّق قطع الحلقوم بدون قطع الأوداج الباقية.
على أنّه على تقدير وجود دلالة فيها ، فلا ريب في كونها في غاية الضعف ، لا تصلح لمقاومة دلالة الصحيحتين ، فضلا عن كونها أقوى منها ، فتأمّل جدّا! على أنّ الحلقوم هو الحلق ـ على ما في « القاموس » (١) ـ لا مجرى النفس ، على أنّ إطلاقه على الحلق لا شبهة فيه ، فلا يتحقّق التعارض والمقاومة.
على أنّه ورد في الأخبار أنّ : « النحر في اللبّة ، والذبح في الحلقوم » (٢) فظاهرها كون الحلقوم هو الحلق ـ كما قلنا ـ ، والعلماء والفقهاء ذكروا في تفسير قوله تعالى ( فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) (٣) أنّ المراد هو الحلق (٤) ، وأخبارهم يكشف بعضها عن بعض.
فليس في الصحيحة (٥) دلالة على كفاية قطع مجرى النفس خاصّة حتّى يكون التعارض والتقاوم حاصلا منها ، فضلا أن يغلب على حسنة عبد الرحمن
__________________
(١) القاموس المحيط : ٤ ـ ١٠١.
(٢) الكافي : ٦ ـ ٢٢٨ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٤ ـ ١٢ الحديث ٢٩٨٥٩ ، وفيها ( الحلق ) بدلا من : ( الحلقوم ).
(٣) الواقعة (٥٦) : ٨٣.
(٤) لاحظ! تفسير روح البيان : ٩ ـ ٣٣٩.
(٥) في النسخ : ( في الصحّة ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.