امتلاء فهو سكران طافح ، فإذا كان لا يتمالك ولا يتماسك فهو ملتخّ وملطخ ، وإذا كان لا يعقل من أمره شيئا ولا ينطلق لسانه فهو سكران ) (١).
وقال في باب أوائل الأشياء : ( النشو : أوّل السكر ) (٢).
وفي « النهاية » : ( الانتشاء أوّل السكر ومقدّماته ) (٣).
وروى الكليني ، عن أبي الجارود ، عن الباقر عليهالسلام : إنّ « ما زاد على الترك جودة فهو خمر » (٤).
وفي توقيع صاحب الأمر عليهالسلام : « إذا كان كثيره يسكر أو يغيّر ، فقليله وكثيره حرام » (٥).
والظاهر منهما أنّ أدنى تغيّر من عالم السكر يكفي لكونه مسكرا.
وأمّا الاعتبار ، فهو شاهد على ما ظهر من اللغة.
ويعضد ما ذكرنا قول الأطبّاء : السكر هو تشويش الروح الّذي في الدماغ ، وقالوا في مقدار الشرب : ما دام السرور يتزايد والذهن سليما فلا يخف من إفراط الشرب ، فيه تصريح بأنّ مجرّد السرور كاف لتحقّق السكر ، والعرف واللغة والحديث أيضا ظاهرة فيه ، ولعلّ سرور السكر سرور خاصّ ، فتدبّر.
فعلى هذا ، نقول : مزاج الخمر وحالتها مخالف لمزاج العنب ، ولا يصير خمرا إلّا أن يتغيّر عن الحالة الاولى إلى الثانية ، وهذا التغيّر بتمامه لا يحصل دفعة ، بل يحدث شيئا فشيئا ، يحدث أوّلا شيئا يسيرا ضعيفا غاية الضعف من الحالة
__________________
(١) فقه اللغة وسرّ العربيّة : ٢٧٦ ، مع اختلاف يسير.
(٢) فقه اللغة وسرّ العربيّة : ١٩ ، وفيه : ( النشوة ).
(٣) النهاية لابن الأثير : ٥ ـ ٦٠.
(٤) الكافي : ٦ ـ ٤١٢ الحديث ٥.
(٥) الاحتجاج للطبرسي : ٢ ـ ٤٩١ ، بحار الأنوار : ٧٦ ـ ١٦٧ الحديث ٣.