المقام في علم الأصول.
لكن على تقدير عدم الحجيّة ـ كما هو مذهب الأكثر ـ فلعلّ الاعتراض وارد بلا إشكال ، لأنّ الحكم بالاستصحاب في خصوص موضع إنّما يستند إلى إجماع أو غيره من الأدلّة الشرعية ، فتأمّل جدّا.
قوله : [ وينبغي أن لا ينازع ] ، بل يقول عقد غير لازم ، مع أنّ الظاهر اللزوم [ بعد تحقّق الملك ] .. إلى آخره (١).
أقول : من المسلّمات والمحقّقات ـ الّتي لا تأمّل لأحد فيها ـ أنّ اللغات لا تثبت بالدليل ، فما ظنّك بما ذكره ممّا ليس بظنّي (٢) أيضا ، بل ظاهر أنّه رحمهالله لم يذكر أمرا يورث شيئا ، سيّما أن يكون ظهورا ، مع أنّها لا تثبت بالدليل ، بل تثبت بالتبادر (٣) أو عدم صحّة السلب ، كما هو المحقّق المسلّم عند المحقّقين بلا خفاء.
ومن مجرّد المعاطاة لا يتبادر أنّه عقد ، ولا يقول أحد : إنّه عقد البيع ، أو وقع بينهما عقد البيع ونحو ذلك ، بل يصحّ سلب العقد كما لا يخفى ، ولذا نرى الفقهاء الفحول الماهرين يقولون : ليس بعقد (٤) ، بل اتّفقوا على السلب وصحّته كلّ الاتّفاق ، حتّى المفيد رحمهالله كما عرفت (٥) ، ومن هذا اتّفقوا على عدم اللزوم ، مع أنّهم اتّفقوا كل الاتّفاق على أنّ كل ما هو عقد يكون لازما والوفاء به واجبا ، لعموم : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ونحوه ، وهذا غير خفيّ على من له أدنى اطّلاع وتتبّع في كلماتهم في العقود اللازمة وغيرها ، وكلام الشارح صريح فيما ذكرنا ، فتتبّع مباحث العقود.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٤٣.
(٢) في ألف : ( من الظنيّات ).
(٣) ورد في : ألف : ( في غاية الظهور عدم إظهاره أمرا ظنّيا يورث مظنّة ، بل ثبوت اللغات منحصر في نصّ الواضع أو التبادر ) بدلا من : ( ظاهر أنّه. بل تثبت بالتبادر ).
(٤) لاحظ! الدروس الشرعيّة : ٣ ـ ١٩٢ ، الروضة البهيّة : ٣ ـ ٢٢٢.
(٥) راجع الصفحة : ٦٤ من هذا الكتاب.