( قلت : قال أهل اللغة : الحياء ـ بالمدّ ـ رحم الناقة ، وجمعه أحيية ، ولعلّ الصدوق أراد به ظاهر الفرج ، وبالرحم باطنه ) ، ثمّ كلامه ليس نصّا على التحريم .. إلى آخره (١).
ومن هذا حكم شيخنا الحرّ بحرمة الجلد من كلّ ذبيحة ، حتّى جلد الرأس والرجل واليد ، وحتّى جلد الطيور (٢) ، وهذا في غاية الغرابة ، لعدم ورود الجلد في حديث من أحاديث الكتب الأربعة الّتي هي العمدة ، مع أنّ الّذي يظهر من تلك الأحاديث هو الحلّ بلا شبهة ، لاتّفاقها على حصر المحرّم في أشياء معدودة معروفة ، وليس الجلد منها قطعا.
مع أنّ في هذه الرواية المجهولة ذكر الجلد مكان الحياء ، يعني لم يذكر فيها الحياء ـ الّتي لا شكّ في حرمتها بملاحظة الأخبار (٣) والإجماعات والفتاوي (٤) ـ وذكر مكان الحياء الجلد ، فظهر ظهور.
أمّا أنّ المراد من الجلد هو الفرج والحياء ، لأنّه أحد معاني الجلد ، وقوله تعالى : شهد عليهم جلودهم (٥) لا شبهة في كون المراد من الجلود فيه هو الفروج ،
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٢٣٨.
(٢) لاحظ! بداية الهداية : ٢ ـ ٣١٤ ، فقد عدّ رحمهالله من محرّمات الذبيحة الجلد ولم يفصّل.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٤ ـ ١٧١ الأحاديث ٣٠٢٦٧ و ٣٠٢٦٨ و ٣٠٢٧٢ و ٣٠٢٧٤ و ٣٠٢٧٩.
(٤) لاحظ! مختلف الشيعة : ٦٨٢ ، المهذّب البارع : ٤ ـ ٢١٧.
(٥) إشارة إلى قوله تعالى ( شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ). السجدة (٤١) : ٢٠.