القضاء ، لأنّ الإصابة في الاجتهاد على القائل بكون (١) كلّ مجتهد مصيبا إنّما هي مع موافقة الاجتهاد للدليل المناسب للحكم ، والمفروض هنا الغفلة عنه .. إلى آخره (٢).
لا يخفى أنّ الاجتهاد واستفراغ الوسع شرط في صحّة حكم القاضي ، فإن حصل صار مصيبا عند المصوّبة ، وحكمه حكم الله تعالى بعينه ، إذ لا حكم له [ تعالى ] إلّا ما ظنّه المجتهد بعد مراعاة شرائط الاجتهاد ، فلا وجه حينئذ في الرجوع إلى قول المنبّه ، لأنّ حكم الله تعالى في شأنه هو الّذي حكم به.
وأمّا إذا لم يستفرغ الوسع ولم يحصل الشرائط كان حكمه باطلا ، ولم يكن حكم الله تعالى قطعا.
فلا معنى لاستحباب إحضار العلماء الدالّ على صحّة الحكم بدون الإحضار ، إلّا أنّه أولى ، إذ هذا يناسب مذهب المخطّئة. وموافقة الاجتهاد للدليل (٣) المناسب إن كفى ظنّ المجتهد بها فهي حاصلة في المقام ، وإلّا فكيف يحكم وإن لم يكف الظنّ بل لا بدّ من اليقين؟! فبدون إحضارهم ـ إن حصل ـ فأيّ فائدة في الإحضار؟ إذ اليقين ينفي الاحتمال. وإن لم يحصل فكيف يصحّ حكمه بدون الإحضار يستحب ، لو لم نقل بفساد حكمه مع الإحضار أيضا! فتدبّر! فإن قلت : الظنّ كاف ، لكن لا يلزم من حصوله حصول الظنّ بنفس الحكم حتّى يكون حكمه ـ تعالى ـ تابعا له ويكون صوابا ، إذ لعلّه يتوقّف على أمر آخر مثل ملاحظة المعارض وغيره ، وحينئذ يستحبّ أن يجعل ظنّه أقوى أو يحصل
__________________
(١) كذا ، وفي المصدر : ( على القول بكون ).
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٣٩ ، مسالك الأفهام : ٢ ـ ٢٨٨.
(٣) في ب ، ج : ( الاجتهاد والدليل ).