قوله : الأصل واشتراط التجارة عن تراض ، يدلّ على عدم الجواز وعدم الصحّة .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّا لم نجد أصلا لما ذكره من الأصل بعد تحقّق العمومات ، مثل : ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٢) ، إذ لا شكّ في التراضي بعد حصول الإجازة ، وكذا ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) ، إذ لا شكّ في أنّه بيع وأنّه باع مال غيره ، غاية الأمر أنّه بيع فاسد مطلقا ، أو مع عدم الإجازة ، فالدخول في العموم متحقّق والمخصّص مفقود.
وما دلّ على عدم جواز التصرّف غير شامل للمقام ، إذ المال لو كان عند صاحبه وأنا تكلّمت كلاما من الخارج فأيّ تصرّف تصرّفت؟! سيّما إذا كان مرادي الوقوف على إجازة المالك.
نعم ، يمكن تحقّق ما ذكره بالنسبة إلى الغاصب ، مع تأمّل في ذلك أيضا ، بأن يكون مجرّد تلفّظه بالصيغة تصرّفا فيه.
نعم ، الإقباض تصرّف ، وهو ممنوع قطعا ، مع أنّ النهي يكون دالّا على الفساد المقابل للصحّة الّتي في المقام ، بأنّه إن رضي صاحب المال يثمر وإلّا فلا ، فيه نظر ظاهر ، فتأمّل.
وبالجملة ، ما ذكره رحمهالله هنا لا يلائم ما سبق منه في شرح قوله : ( الأوّل : العقد .. إلى آخره ) (٤) وغير ذلك من المتون بعده ، بل لعلّه لا يخلو عن غرابة ، لأنّه بالغ وأصرّ بأنّ مجرّد الرضا كاف ، ولا شكّ في أنّ الإجازة رضى ، وأيّ رضي ، بل لا يخفى على المتأمّل أنّه أولى بكونه عقدا من مجرّد التقابض.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٥٨.
(٢) النساء ٤ : ٢٩.
(٣) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٣٨.