وموقوف على الإجازة ، والقائل بالفساد يصرّح بأنّه فاسد مطلقا ، ومعلوم أنّ مرادهم من الصحّة هو ترتّب أثر شرعيّ في الجملة ، والفاسد هو ما لا يترتّب عليه أثر من الآثار بوجه من الوجوه ، بل يكون وجوده مثل عدمه في نظر الشرع من دون تفاوت أصلا ، وما أجروا في الفاسد من بعض الآثار الشرعيّة ـ مثل : كون الضمان على القابض ـ فمعلوم أنّه ليس أثر العقد بل أثر القبض ، كما ستعرف.
وبالجملة ، هذا أمر واضح على من له أدنى اطّلاع بكلام الفقهاء ، ومعلوم أنّه فرق بين العقد الفاسد والفضولي إلى حين الرضا ، إذ الفاسد لا أثر فيه أصلا ، والفضولي يكون بحيث لو ترتّب عليه الرضا يثمر أيّ وقت ترتّب ، وهذا المعنى أثر من الآثار الشرعيّة المفقودة في الفاسد أصلا.
وغير خفي على المطّلع أنّ مرادهم من الصحّة هذا الّذي ذكرناه ، فإن أراد أنّ الرضا شرط الصحّة بهذا المعنى ففاسد قطعا ، وإن أراد فعليّة التأثير فممنوع ، لكن لم يقل أحد بالفعليّة بدون الرضا ، إذ لا شكّ في توقّفها عليه ، وإن أراد أنّ تقدّم الأثر على الشرط الشرعي محال ، فمعلوم أنّ المقدّمة لا بدّ من أن تكون بيّنة أو مبيّنة أو مسلّمة ، وليست كذلك ، إذ الحكم الشرعي على حسب ما قرّره الشرع ، فإن قرّر الشرط مقدّما فكذلك ، وإن قرّر مؤخّرا فكما قرّر ، وليس شرطه من العلل الواقعيّة كما هو مسلّم عند الكلّ ، وعلل الشرع معرّفات بلا تأمّل.
قوله : وإذنه بوجه من الوجوه يكون ذلك كافيا .. إلى آخره (١).
إذا علم الإذن فلا وجه للتأمّل والإشكال ، وأمّا إذا علم مجرّد الرضا ففي الاكتفاء به إشكال ما ، ظهر وجهه ممّا ذكرناه سابقا في بحث الاحتياج إلى الصيغة ، وكذا الحال في كلّ تصرّف في مال الغير بالقياس إلى صحّة عقد ومعاملة ، وأمّا في
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٦٠.