فتدبّر.
قوله : ولا يبيح له أن تصرّف ، مثل الرشوة وعوض الخمر .. إلى آخره (١).
لا كلام في حرمة الأكل والتصرّف ، إنّما الكلام في استحقاق المشتري عوضه ، فإنّ العوض عين مال البائع ، و « الناس مسلّطون على أموالهم » (٢) ، و « لا يحلّ مال المسلم إلّا من طيب نفسه » (٣) ، والانتقال حكم شرعيّ يتوقّف على الدليل ولو كان فهو ، وإلّا فالأصل عدمه ، والأصل عدم الاستحقاق.
إلّا أن يقال : المشتري أذن له التصرّف بشرط أن يصير مال الغير ماله ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، وفيه ، أنّه يعلم جزما أنّه لا يمكن أن يصير ماله ، ومع ذلك أذن له التصرّف جزما.
إلّا أن يقال : إنّ المجزوم به أنّه أذن التصرّف إذا لم يأخذ منه عوضه ، وفيه ، أنّه عند التصرّف ما كان مأخوذا وبعد الأخذ ما تصرّف.
إلّا أن يقال : كلام الفقهاء مطلق غير مقيّد بما ذكر ، أو يقال : القدر اليقيني أنّه أذن ، إذا لم يتحقّق الأخذ في وقت من الأوقات ، فما لم يتحقّق الشرط لم يتحقّق المشروط.
وفيه ، أنّ ذلك خلاف ما ظهر من المشتري ، إذ لم يظهر منه سوى كونه ثمنا للمبيع ، يعني : أنّه مال البائع بإزاء كون المبيع ماله ، وهو يعلم جزما أنّه لا يمكن أن يصير ماله ، وأنّه باق في ملكيّة صاحبه ، ومع ذلك ظهر منه جزما الإذن في التصرّف من غير توقيف على ما ذكر من أنّه لا يأخذه صاحبه في وقت ، مع أنّه يعلم أنّ صاحبه مسلّط على الأخذ في جميع الأوقات حتّى آن العقد وبعده بلا
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٦٥.
(٢) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٢ الحديث ٩٩.
(٣) عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٢ الحديث ٩٨.