وفي الصحيحة أيضا : لا يمكن الحكم بتنجس ماء المطر مع عدم تغيره بالنجاسة قبل انقطاع التقاطر ؛ إذ قد عرفت اعتصامه حينئذ بالمادة ، وحينئذ فإمّا أن يبقى الماء النجس الممازج به على نجاسته أو أنه يطهر به.
لا سبيل إلى الأقل إذ ليس للماء الواحد في السطح الواحد مع عدم المائز حكمان مختلفان في الطهارة والنجاسة ، فيعيّن الثاني.
وفي عدة من الروايات دلالة عليه أيضا منها رواية الكاهلي المتقدمة ، فانّها تعمّ الماء وغيره ، والمناقشة فيها سندا بالإرسال ودلالته بأنّه ربما يكون في السؤال قرينة على أنّ المراد بـ « كلّ شيء » : كل شيء سأل سائل عنه وشبهه فلا يعم الماء وانّها إنما اشتملت على الحكم بطهارة ما يراه ماء المطر دون غيره ، وهو إنّما يلاقي بعض أجزاء الماء ، ولو بعد الامتزاج ، فغاية الأمر طهره به دون باقي الاجزاء.
ثم إنه لا شبهة في أنّه يعارضه لملاقاة الأجزاء النجسة فيعود نجسا لأنّه قليل لاقى نجاسة.
موهونة ؛ أمّا الأوّل فلاعتضاد الخبر بما ذكرناه.
وأمّا الثاني فبأنّ العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المورد ، ومجرد الاحتمال المذكور لا يقضي بالتخصيص سيما مع كون العموم لغويا مع أنّ السؤال مذكور في الخبر وليس فيه ما يفيد ذلك ، بل انما يفيد العكس ، وأمّا الثالث فبأنّ طهر الأجزاء الملاقية كاف في تطهير الباقي ؛ لكونه ماء طاهرا ملاقيا لملاقيه وهكذا ، فيسري الطهارة إلى الجميع في آن واحد ، ولو بعد الامتزاج بناء على اعتباره في التطهير.
ولا وجه حينئذ لعود النجاسة إليه من تلك الأجزاء ، ومع الغضّ عن ذلك فلا وجه لعود النجاسة إلى الأجزاء الملاقية مع بقاء ملاقاتها للماء المعتصم ، فلا بد إذن من الحكم بطهر الجميع ؛ لما عرفت من اتحاد حكم الماء الواحد في السطح الواحد.
ومنها : صحيحة هشام ورواية محمد بن مروان المقدّمتين الواردتين في الميزابين السائلين ، فإنّ بقاء طهارته مع الامتزاج بالبول وتطهيره له بالاستهلاك قاض ببقاء طهارته مع الامتزاج بالماء النجس وتطهير له بالأولى.