وظاهر التهذيب صحة الاستعمال وإن أثم كما هو المصرّح به في المحرر ، وظاهر الاستبصار بطلان الاستعمال ولزوم إعادة الوضوء والصلاة.
والظاهر أنّه إنّما يقول به فيما يتوقف على نية القربة كالوضوء دون غيره كتطهير الثياب ، فينحلّ القول المذكور إذن إلى أقوال ثلاثة.
ثالثها : التفصيل بين الكثير والقليل ، فلا يعتصم (١) ما دون الكر منه وان (٢) الكر على ما حكي القول به عن محمّد بن محمّد البصري من تلامذة السيد المرتضى رحمهالله وربّما يعزى ذلك إلى السيد في الجمل (٣) حيث قال : « إن كلّ ماء على أصل الطهارة إلّا أن يخالطه ـ وهو قليل ـ نجاسة فينجس أو يتغير ـ وهو كثير ـ أحد أوصافه من لون أو طعم أو رائحة ».
فإنّه يعم ماء البئر والجاري وغيرهما ، لكن القاضي في شرحه حمل ذلك على القليل من الراكد ، وذكر أن أصحابنا يذهبون إلى نجاسة مياه الآبار ممّا يلاقيها من النجاسة ولا يعتبرون فيه قلة ولا كثرة.
واختار هذا التفصيل شيخنا البهائي في بعض مصنّفاته ، وألزم العلّامة رحمهالله القول به ، فإنه إذا قال به في الجاري كان التزامه به في البئر أولى وليس كذلك ؛ إذ الطهارة والنجاسة من الأحكام التوقيفية ، وظاهر الإطلاقات في المقام انتفاء (٤) التفصيل في البئر بين القليل والكثير.
والأولوية المذكورة لا تنهض حجة شرعية مع عدم إشعاره قدسسره بالتفصيل ، ولو كان قائلا به لأشار إليه في شيء من كتبه.
وعن الجعفي أنه اعتبر في اعتصام البئر أن يكون كل من أبعاده الثلاثة ذراعين ، ثمّ إنه حكم بالنزح.
وكلامه هذا يحتمل التفصيل المذكور عن البصروي ؛ بناء على تحديده الكر بالقدر
__________________
(١) في ( د ) : « فلا يعصم ».
(٢) في ( د ) : « دون » بدل : « وإن ».
(٣) رسائل المرتضى ٣ / ٢٣.
(٤) في ( ب ) : « عدم انتفاء ».