وقد خصّ (١) المحقق الكركي (٢) بأنّ الظاهر أنّ موضع النزاع ماء الغسل المعتبر في التطهير دون ما سواه.
فهذا القول على فرض ثبوته ضعيف جدا يقطع عادة بعدم ركون مثل هؤلاء الأفاضل إليه.
وقيّده بعض الأصحاب عند حكايته بما إذا كان مبتلى بماء الغسالة الّتي كان من قبلها نجسا. وكأنّه من جهة نجاسة المتخلّف في الجملة ، وسيجيء الإشارة إليه.
هذا ، ولنوضّح (٣) الكلام برسم أمور :
أحدها : الأظهر من الأقوال المذكورة نجاسة الغسالة مطلقا سواء كانت عن الغسلة الأولى أو الثانية ، وسواء ورد الماء على النجاسة أو وردت عليه إن اكتفينا بالثانية في التطهير.
ويدلّ عليه وجوه :
الأول : إطلاق مفهومات الأخبار الدالّة على اشتراط اعتصام الماء بالكرّية حسب ما مرّ من دلالتها على انفعال ما دون الكر بالملاقاة إن تمّ ما ذكر في بيان إطلاقها.
ويؤيّده أنّ ورودها في مقام البيان ينافي البناء فيها على الإجمال ، وكأنّ المنساق فيها بحسب الفهم العرفي هو ما ذكرناه من الإطلاق ، ولذا لم يرد بيانها في شيء من الأخبار مع تظافر تلك الروايات الدالّة عليه ، ولم يسأل عنه أحد من أجلّاء الرواة مع عموم الحاجة إليه وقيام الدواعي على الاستفصال عنه.
الثاني : إن القاعدة المستفادة من الروايات الواردة في القليل هو انفعاله بالنجاسة كيف كان حتّى يقوم دليل على عدم تنجّسه في بعض المقامات ، وهو الذي جرى عليه الأصحاب في فهم تلك الروايات ؛ إذ لم يتوهّم أحد منهم اختصاص الحكم بموارد تلك الأخبار بل فهموا إطلاق الحكم بانفعاله مع القلّة كسائر الأعيان ، ففهموا أنّ القلّة هو المناط في الانفعال كما أنّ
__________________
(١) في ( د ) : « نصّ ».
(٢) جامع المقاصد ١ / ١٢٨.
(٣) في ( ب ) : « ولتوضيح » ، ولو كان كذلك يجب أن تكون بعده « ترسم ».