« لو لا ما بينى وما بين داري ما غسلت رجلي ولا يجنب ماء الحمّام » (١).
وفي إطلاق الفقرة الأخيرة دلالة على طهارة الغسالة ، بل وعدم وجوب التحرّز عنه في التطهير كما أشرنا إليه. ولا ينافي استحباب التنزّه عنها فإنّ النهي هنا في مقام توهّم الوجوب.
وفي الموثق : رأيت أبا جعفر عليهالسلام يخرج عن الحمّام فيمضي كما هو لا يغسل رجله حتّى يصلّي (٢).
وظاهر قوله « حتّى يصلّي » : حتّى يوقع الصلاة ، فيفيد عدم غسل رجله لأجل الصلاة أيضا.
وقد يحمل على إرادة إيقاع الصلاة ، فيدلّ على غسل رجله لأجل الصلاة. وحينئذ قد لا يفيد المدّعى ، بل ربّما يومي إلى خلافه إلّا أنّه خلاف الظاهر منه.
ثمّ إنّ حصول العلم بتنجس الأرض أحيانا لا يقضي وجوب الاجتناب عنها في غير حال العلم ، وذلك لورود النجاسة عليها تارة والمطهّر أخرى ، وما توارد عليه الحالان من دون علم بالمتأخر لا يحكم بطهارة ملاقيه ، بل الظاهر الحكم بطهارته أيضا لا لعموم « كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر » (٣). أمّا لو علم بنجاسة الأرض ولم يعلم بورود المطهّر عليه فالظاهر أنّه لا إشكال في الحكم بنجاسته بل (٤) ونجاسة ملاقيه أيضا ؛ بناء على ما هو المختار من حصول التنجيس بما حكم بنجاسته بالاستصحاب.
وعلى القول بعدمه يحكم بطهارة الملاقي بمجرد احتمال طريان المطهّر عليه. وهو أنسب بإطلاق تلك الأخبار. إلّا أنّ حملها على ما قلناه غير بعيد. وهو المتّجه بعد تنزيل المعلوم بالاستصحاب منزلة اليقين ، فكما أنّ صورة العلم بالنجاسة خارجة فكذا ما بمنزلته لنصّ الشارع على كونه حجّة متّبعة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٣٧٩ ، باب دخول الحمام وآدابه وسننه ، ح ٣١ وفيه : ولا نحيت ماء الحمام.
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٣٧٩ ، باب دخول الحمام وآدابه وسننه ، ح ٣٢ وفيه : لا يغسل رجليه.
(٣) وسائل الشيعة ٣ / ٤٦٧ ، باب أن كل شيء طاهر حتى يعلم ورود النجاسة عليه ، ح ٤.
(٤) لم ترد في ( ب ) : « بل ونجاسة ».