والطعن في إسناد الروايتين من جهة اشتمال كلّ منهما على غير واحد ممّن لا يقول بالحق ؛ مدفوع بما قرّر في محلّه من حجيّة الموثق خصوصا مثل روايات عثمان بن عيسى وسماعة وعمّار لإطباق الأصحاب على العمل بأخبارهم.
ولو سلّم ذلك فلا تأمّل في حجيّة الضعيف بعد الانجبار بعمل الأصحاب ، وهنا قد أطبقوا على العمل بهما.
على أنّ المستفاد من الأخبار الواردة في مقامات شتّى بناء الشارع على وجوب الاجتناب في المحصور إذا دار الأمر بين الحلال والحرام كيف ما كان ، مثل ما دلّ على وجوب غسل جميع الثوب إذا لم يعرف موضع النجاسة منه ، وما دلّ على وجوب الاجتناب من اللحم مع اختلاط المذكّى منه بالميتة ، وما دلّ على وجوب تكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين .. إلى غير ذلك.
وقد جرى الأصحاب على ذلك في تلك المقامات.
ويمكن الاحتجاج على ذلك أيضا بالأصل ؛ « لوجوب الاجتناب عن المحرم ولا يتم إلّا باجتناب الجميع.
فإن قلت : إن الوضوء بالماء النجس ليس من المحرّمات الأصليّة وإنّما يثبت المنع منه من جهة البدعة ويرتفع ذلك بقصد الاحتياط ؛ إذ لا يصدق الإبداع بمراعاة الاحتياط ، مضافا إلى الأوامر الدالّة على رجحان الاحتياط لإفادتها تشريع الفعل من تلك الجهة وإن لم يكن مشروعا في نفسه.
وحينئذ فلا تكليف بالاجتناب في المقام ، بل الأمر فيه بالعكس ؛ لثبوت التكليف بالطهارة ، فيجب استعمال الماءين لتحصيل اليقين بالفراغ.
فما يوجد في كلام بعض المتأخرين (١) من تعليل المنع من استعماله في الطهارة الحدثية والخبثية بأنّ استعمال الماء النجس فيما يعد في الشرع طهارة أو إزالة نجاسة مع اعتقاد
__________________
(١) في حاشية ( د ) : « هو السيّد نور الدين أخو صاحب ».