ارتفاع (١) الحالة الموجودة فيه ، فيزيد الآخر عليه بوجود حادثين والأصل عدمهما.
ويجري ذلك بعينه فيما نحن فيه إلّا أنّك خبير بأنّ الاستناد إلى الأصول المذكورة أخذ بالأصول المثبتة (٢) ، وهي لا تنهض حجّة إذ لا يمكن إثبات ملاقاة الطاهر له في الأول والنجس في الثاني بمجرّد الأصل المذكور ؛ إذ غاية الأمر حجيّة الأصل المذكور في محلّه ، ولذا يحكم ببقاء نجاسته بعد استعمال الأوّل ، وأمّا في إثباته حكما عاديا آخر فلا وجه له أصلا كما قرّر في محلّه.
إذا عرفت ذلك فنقول : بعد الجهالة بالطهارة والنجاسة وانتفاء طريق في الظاهر إلى الحكم بكلّ منهما لا يمكن الحكم بصحّة الأمر المتوقّف على الطهارة ؛ لعدم قيام دليل شرعيّ على حصول الشرط ، وكذا لا يترتّب عليه الحكم المتوقّف على النجاسة.
فلو اعتبرنا في حرمة الأكل والشرب نجاسة المأكول والمشروب قوي الحلّ (٣) في المقام لعدم العلم بحصول الحرمة ، فيبنى على انتفاء الحكم.
لا يقال : إنّه يترتّب على نجاسة الماء المنع من استعماله فيما يشترط بالطهارة من الطهارات وإزالة الأخباث ، فيجري فيه ما ذكر من البناء على عدم ثبوت ذلك الحكم حتّى يقوم دليل عليه ، فالمنع من استعماله فيها مدفوع بالأصل ؛ لعدم قيام دليل عليه حسب ما ذكر أو نقول : إنّه لا منع في المقام من استعماله في الأمور المذكورة إلّا من جهة البدعة ، وارتفاعها إنّما يكون بقيام الدليل لا بمجرد الأصل ، وكذا الحال بالنسبة إلى آثار ذلك الاستعمال ؛ إذ قضية الأصل عدم ثبوت شيء منها من دون قيام دليل عليه ، فلا وجه لإثباتها بمجرد الأصل بل قضية الأصل عدم ثبوتها وعدم تفريغ الذمة عمّا يشترط بحصولها.
فثبت بما ذكرنا عدم جواز الصلاة في الثوب بعد تعاقب الماءين المذكورين عليه ، وكذا الحال بالنسبة إلى البدن ، فلا يحكم في الظاهر بصحة الوضوء من جهة احتمال نجاسة العضو من غير قيام دليل شرعي على طهارته ، ولو من جهة الأصل لا أنّه محكوم بفساده ، فاحتمال نجاسة
__________________
(١) في ( ألف ) : « الارتفاع » بدل : « إلّا الارتفاع ».
(٢) في ( ألف ) : « المشتبهة ».
(٣) في ( ب ) : « الحال ».