ومن الغريب ما أورد في الحدائق (١) على ذلك من أن مقتضى ما قرّروه في مسألة الإناءين عدم التنجس هنا أيضا مع اندراج هذا البلل في كلّية « كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر » مع عدم المخصّص ، وعدم ملازمة الحكم بالنقض للنجاسة ، فحكمهم بوجوب غسل الملاقى هنا مناف لما ذكروه هناك.
وبنى وجوب الاجتناب هنا على ما قرّره هناك من إعطاء الشارع للمشتبه (٢) بالحرام أو النجس مع الانحصار حكمها.
وأنت خبير بما بين المقامين من البون البعيد ، وليس حكمهم بالنجاسة هنا من جهة الاشتباه بل لفهمهم ذلك من الروايات ؛ إذ قد عرفت دلالة النصّ عليه ، فاستناده إلى حكاية الاشتباه المحصور في المقام مع فساده من أصله لا وجه له ؛ لدوران الأمر في المقام بين كون الخارج من فرد النجس أو الطاهر من غير دوران الأمر بين الفردين الخارجين.
وحينئذ فلا خلاف لأحد في البناء على الطهارة لو لا قيام الدليل على خلافها.
ثمّ إنّ الحكم المذكور يختص بالرجال ؛ لاختصاص الأدلّة فيهم ، فالبلل المشتبه الخارج منهنّ لا حكم له ؛ إذ لا دليل على اشتراكهم للرجال في ذلك.
وفي جريان الحكم في الخنثى المشكل أو المحكوم بأنوثيّته خصوصا مع اعتياد خروج البول من ذكره وجهان.
وقضية الأصل البناء على عدم الانتقاض إلّا أنّ الحال في المشكل لا يخلو عن إشكال.
ولو خرج البول من منفذ آخر لم يجر فيه الحكم المذكور قطعا سواء كان مع اعتياده أو لا ، ولو قطع بعض ذكره جرى في الباقي حكم الاستبراء.
ولو قطع من أصله فإن قلنا بالبدء في الاستبراء من المقعدة جرى الحكم المذكور ، وإلّا ففيه وجهان.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ / ٦٢.
(٢) في ( ب ) زيادة : « الخارج ».