ثمّ إنّ المدار في حرمة الاستقبال والاستدبار على مقدّم البدن ومؤخّره لا خصوص العورة على ظاهر كلامهم ، وصريح جماعة منهم ، وحكي الشهرة عليه.
وعن السيوري : إنّ المحرّم هو المقابلة بالوجه والبدن ، فلو ميل فرجه وبال لم يكن محرّما.
وعزاه في المدارك إلى بعض المعاصرين ، قال : وليس بشيء.
قلت : قال محمّد بن ابراهيم بن هاشم من قدماء أصحابنا في علله : « أحد عشر لا بدّ لكلّ الناس من معرفتها ، وذلك آداب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاذا أراد البول والغائط فلا يجوز له أن يستقبل القبلة بالقبل والدبر ، والعلّة في ذلك أنّ الكعبة عظّمها الله وأجلّ حرمته ، ولا تستقبل بالعورتين القبل والدبر لتعظيم الله وحرم الله وبيت الله » (١). انتهى.
وظاهر ذلك كما ترى اختصاص الحرمة باستقبال خصوص العورتين ، وإسناده ذلك إلى الرسول صلىاللهعليهوآله.
قلت : وفي بعض الأخبار دلالة عليه مرّت الإشارة إلى بعضها.
ومنها : قوله عليهالسلام : « لا تستقبل القبلة بغائط ولا بول » (٢) وجعل الباء بمعنى الملابسة كأنّه بعيد عن الظاهر ، فلا داعي إليه.
والإطلاقات الاخر واردة على الغالب من حصول الاستقبال بالعورة عند استقبال البدن إلّا أن ظاهر فهم الأكثر يضعف البناء عليه.
وكيف كان ، فلا شبهة في كون الاحتياط في الاجتناب عنه ، والمراد بالقبلة ما يراد في باب الصلاة ، فهي للقريب عين الكعبة وللبعيد جهتها ؛ للإطلاقات وظاهر الحسنة الماضية ؛ لصدق الانحراف بالميل اليسير عن محاذاة القبلة ، فيجوز استقبال ما بين المشرق والمغرب ؛ استنادا إلى ظاهر الأمر في الخبر المذكور ، وأن ما بين المشرق والمغرب قبلة كما في الرواية وأنّ قبلة البعيد الجهة وفيها سعة.
ولا يخفى ضعف الجميع.
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٧ / ١٩٤ ، باب آداب الخلاء ، ح ٥٣.
(٢) الكافي ٣ / ١٦ ، باب الذي يكره أن يتغوط فيه أو يبال ، ح ٥.