وقد يوجّه ذلك بعدم تمييز الفعل من دون تعيين نوعه وكذا صفاته إذا وقع ذلك الفعل على وجوه متعددة كصلاة الظهر مثلا ؛ لجواز وقوعه أداء وقضاء واجبة ومندوبة ، فإنّما يتميّز بالقصد ، وليست العلّة في اختلاف الأوامر إيقاع المكلّف لها على ذلك الوجه ، بل المقصود بيان الحكم. وهو واضح.
وأيضا قد وردت الأوامر على سبيل التنويع تارة بالتهديد والوعيد ، وأخرى بالترغيب وجواز الترك ، وتارة دلّت على الوجوب وأخرى على السنّة والتطوّع ، وما ذاك إلّا ليعلم المكلّف إذا أوقع بذلك التكاليف كيف يوقعها.
وأيضا الواجب إيقاع الفعل على وجهه أي وجهه المأمور به شرعا وإيقاع الفعل كيف ما اتفق ولم يكلّف به ، وقضية التعليلات المذكورة اعتبار ذكر الصفات مع وقوعه على الجهات المختلفة ، وبدونه فلا وجه لوجوبه.
ويضعّفها بأنّ المفروض تعيين الفعل واقعا بما عيّنه وهو كاف في تميز الفعل ، وإن لم يتعيّن هذا العامل ؛ إذ لا دليل على اعتبار التعيين ، وليست العلّة في اختلاف الأوامر إيقاع المكلّف لهما على ذلك الوجه بل المقصود بيان الحكم ، وهو واضح.
والقول بأنّ الواجب إيقاع الفعل على وجهه أوّل الكلام إن أريد به الجهات المذكورة وإلّا فلا ربط له بالمقام.
وما قد يتوهّم من أنّه مع (١) عدم تعيين الفعل ( لا يكون قاصدا لامتثال الأمر المتعلّق به ، فلا يعدّ ممتثلا.
وكذا الحال في الجهات الّتي يختلف الفعل ) (٢). بحسبها. ألا ترى أنّه لو أتى بالواجب على وجه المندوب (٣) أو بالعكس لم يعد ممتثلا بل كان مشرّعا مدفوع بأنّ مجرّد قصد الاشتغال (٤)
__________________
(١) زيادة : « مع » من ( د ).
(٢) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).
(٣) في ( د ) : « الندب ».
(٤) في ( د ) : « الامتثال ».