والصوم وإعطاء الفقير الشامل للزكاة والصدقة وغيرهما. وهذا ممّا لا يكاد يخفى على من تأمّل في الأخبار ، وكلام العلماء الأبرار ، وينادي به المعلوم من حال المتشرّعة والتامّل في موارد التسمية.
نعم ، إنّما يختلف بحسب اختلاف الصفات والغايات الملحوظة فيه ، وهي أمور خارجة عن حقيقة غير مقوّمة لماهيّة. وفي كلام بعض الأعلام أنّ غسل تلك الأعضاء يمكن أن يقع على وجوه شتّى منها التنظيف ومنها غيره من أنواع الوضوء ، فالوضوء لغة النظافة ، فإذا قصد به القربة كان مثابا عليه كما ذكروه في إزالة النجاسات من أنّه يثاب عليها بذلك القصد ، فإذا قال « أتوضّأ قربة إلى الله » فمعناه أنّي أنظّف هذه الأعضاء لتحصيل القرب ، وهذا ليس من وضوء الصلاة في شيء إجماعا.
ثمّ قرّر أنّه لا فرق بين معنى الوضوء لغة وشرعا إلّا النيّة ، وذلك أن الوضوء للصلاة تنظيف خاص لبعض الأعضاء وليس مجرّد القرب إلى الله تعالى فارقا ؛ لأنّه حاصل غالبا ، وغير غالب في الوضوء اللغويّ كما عرفت.
فلا يكون بينهما فارق سوى أنّ الوضوء تنظيف بهذه الأعضاء الخاصّة لفعل خاصّ كالصلاة مثلا ممّن لا يخطر بباله حال الوضوء لم يكن قد أتى بالواجب الشرعيّ على وجهه.
أقول : ما ذكره بيّن الاندفاع ؛ إذ لا تأمّل لأحد في لزوم قصد الوضوء أعني الأفعال المخصوصة الموضوعة في الشرع ، فلا يكفي في حصوله مجرد قصد غسل الأعضاء المعلومة وإن ضمّ إليه قصد القربة ، بلا خلاف فيه (١) في عدم تسميته بالوضوء.
والكلام إنّما هو في الاكتفاء بذلك مع عدم ضمّ قصد الرفع أو الاستباحة ، والقول بانحصار جهة التعيين في قصد الغاية المخصوصة بيّن الفساد ؛ إذ الوضوء الشرعي أمر متميّز لا اشتراك فيه فمجرّد قصده كاف في تعيينه وإن لم ينو شيئا من غاياته.
وقد يتوهّم أنّه مع جواز وقوع الوضوء على كلّ من جهتي الوجوب والندب فيما إذا كان
__________________
(١) زيادة في ( د ) : « و ».