مضافا إلى كونه واجبا بالأصالة أيضا على بعض الفروض ، فكيف يصحّ إطلاق النيّة من دون تعيين أحد الوجهين بل وتعيين الغاية المخصوصة ؛ إذ العبادة المشتركة إنّما تقع مجزئة عن أحد أفرادها بالقصد والنيّة.
ويدفعه أنّ عدم صدق الامتثال لا يعطي بقاء التكليف إلّا أن يقال بتعدّد أنواع الوضوء أو (١) اعتبار الجهة التقييديّة في المطلوب.
وقد عرفت فساد الأمرين ، فغاية ما يقتضيه عدم الامتثال عدم ترتّب الثواب المعدّ للوضوء المخصوص عليه ، وذلك لا يقضي بعدم الإتيان بالواجب ؛ لما عرفت من الفرق الظاهر بين الأمرين.
مضافا إلى أنّ امتثال الأمر حاصل (٢) مع قصد المأمور به إجمالا وإن لم ينو خصوص الجهة المأخوذة فيه إذا لم ينو خلافه كما إذا نوى ما في ذمته كائنا ما كان ، فلا يفيد ذلك اعتبار خصوص قصد الاستباحة.
ومنها : أنّ قوله عليهالسلام في الحديث المتواتر : « إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى » (٣) يعطي أنّ صحة الأعمال وكمالها إنّما يناط بنيّاتها ، فكلّ عمل لا يقع على النيّة المطلوبة لا يكون صحيحا والمطلوب من وضوء الصلاة أن يكون ذلك الوضوء لأجلها ، ولا يكون كذلك إلا إذا وقع تقييدها.
وفيه : أنّ الروايتين مسوقتان ظاهر [ ا ] لبيان دوران الأعمال على حسب تلك النيّات ، ولو سلّم شمولها لغير ذلك أيضا ، فغاية (٤) ما يستفاد منها انحصار الواقع في المنويّ ، وهو لا يقتضي بقاء التكليف بغيره إلّا بأحد الوجهين المتقدمين. وقد مرّ فسادهما.
ومنها : ما ورد في الأحاديث المتكثّرة من الأمر بالوضوء للصلاة ، والمستفاد منها إيقاع
__________________
(١) في ( د ) : « إذ ».
(٢) في ( ألف ) : « الحاصل ».
(٣) دعائم الإسلام ١ / ٤.
(٤) في ( ب ) : « وغاية ».