وقوله « مستديرا » حال من الضمير في « عليه » ، وكأنّ التقييد به إشارة إلى عدم دخول ما خرج عن مستدارة الوجه ممّا يحويه الإصبعان في حوالي الذقن.
ويحتمل أن يكون صفة للمصدر المحذوف أي جريانا مستديرا.
وحملهما بعض محقّقي المتأخرين على إرادة (١) الخطّ الواصل بين القصاص ومنتهى الذقن الّذي هو مقدار ما بين الإصبعين غالبا على نفسه بعد فرض جانب وسطه. ويكون ذلك تحديد الكلّ من طول الوجه وعرضه.
وأيّد هذا الوجه بأنّهم يقولون بخروج النزغتين والصدغين من الوجه ، وإنّما يخرجان عنه بناء على المعنى المذكور دون ما ذكروه ، وعليه فيخرج مواضع التحذيف والعذاران وبعض من العارضين أيضا.
وأنت خبير بأنّ حمل الرواية على المعنى المذكور بعيد عن العبارة ؛ إذ ظاهرها إدارة الإصبعين معا من القصاص ، ولو حمل على الدائرة لم يمكن ذلك مضافا إلى بعد المعنى المذكور عن متفاهم العرف ، ومخالفته لفهم الأصحاب.
على أنه لو حمل على ذلك لزم خروج ما يزيد على النزغتين ممّا يليهما الواقع في أعلى طرفي الجبهة كما هو مقتضي الاستدارة ، والظاهر عدم الخلاف في وجوب غسله.
وكذا يخرج عنه ما يزيد على العذارين ممّا يقابلهما وكثير من أجزاء العارضين ، والبناء على خروجهما عن الوجه في غاية البعد.
والاعتماد فيه على مجرّد الاحتمال المذكور أبعد ، بل ظاهرهم اتفاق على دخول بعض المذكورات ، ولو سلّم تكافؤ الاحتمالين فلا أقلّ من كون الأوّل موافقا للاحتياط محصّلا للقطع بالفراغ بعد اليقين بالشغل ، مع كونه أقرب إلى الوجه العرفي ، فتعيّن ترجيحه.
ثمّ إنّ هذه الرواية هي الأصل في تحديد الوجه ، فما حواه التحديد المذكور داخل في الوجه وما خرج منه خارج عنه ، وهاهنا حدود يذكر للوجه قد وقع الخلاف في كثير منها لا بدّ
__________________
(١) زيادة في ( د ) : « إدارة ».