معا ، ثم درّس فيهما طيلة حياته ممارسا لهما معا وفاحصا عن أدلّتهما سوية ، ولذا نراه في كتابه تبصرة الفقهاء مستوعبا لجوانب المسائل الفقهية كما هو الحال في كتابه الهداية المسترشدين. لم يوفّق الشيخ إلى إكمال الشوط لكلّ أبواب الفقه في كتابه تبصرة الفقهاء ، بل كتب منه نبذا من كتاب الطهارة والصلاة والزكاة والبيع ، وبهذه النبذ دلّنا على قوّة عارضته في الاجتهاد الفقهي ، وتسلّطه على الأقوال والآراء ، وقدرته الفائقة على نقدها وتمحيصها ، ثم لباقته الممتازة في عرض الأدلة من الكتاب الكريم والسنّة المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام واستخراج الحكم الأوفق بها.
نرى شيخنا الفقيه عند ما يتعرّض لموضوع ما ، يبدأ بما ذكره اللغويون مع الجرح والتعديل لما ذكروه وتطبيقه بالذوق العرفي ، ثم يستعرض أهم الآراء لكبار الفقهاء ويتناولها بالفحص والنقد العلمي ، ثم يأتي بالأدلة الفقهيّة من الآيات والأحاديث ، ويسندها بما يؤدّي إليه نظره ، ويستخرج بالتالي فتواه غير مشوبة بالضعف على الأغلب ، وبهذه الطريقة المتأنية يدلّنا على تمكّنه من الاجتهاد ويعرّفنا الطريقة الصحيحة للاستنباط » (١).
١٥ ـ وقد ذكرت الكتاب في ترجمة المؤلف في كتابي المطبوع « قبيله عالمان دين » (٢) فراجعه إن شئت.
والآن أقول : قد كتب مؤلفنا الفقيه الكبير كتاب الطهارة من الكتب الفقهية ثلاث مرات :
أحدها : في ضمن كتابه هذا تبصرة الفقهاء ، وسيأتي منّا ذكر نسخه.
ثانيها : كتاب الطهارة ، ألّفها مستقلا ، وقد طبعت الصفحة الأولى منها بخطّه الشريف في كتابي « قبيله عالمان دين » (٣).
ثالثها : شرح كتاب الطهارة من الوافي الشريف من تقرير بحث أستاذه آية الله السيّد مهدي بحر العلوم النجفي قدسسره وقد عرّفه العلّامة الطهراني قدسسره في ثلاثة مواضع من الذريعة في
__________________
(١) ترجمة المؤلف في هداية المسترشدين ١ / ٤٤.
(٢) قبيله عالمان دين : ٢٢.
(٣) قبيله عالمان دين : ٢٨.