قال المأمون : إنّما وجهت إليك لمعرفتي بقوّتك ، وليس مرادي إلاّ أن تقطعه عن حجّة واحدة فقط ، فقال سليمان : حسبك يا أمير المؤمنين اجمع بيني وبينه وخلّني والذم (١). ثم ساق صورة مجلس المناظرة ولم يذكر فيها اسم أبيه أصلا مع ذكر اسمه كثيرا.
وأمّا ثانيا : فلأن المناظرة كانت في مسألة البداء ، وكان سليمان ينكره ، فأقام عليهالسلام الحجّة حتى قال سليمان في آخر كلامه للمأمون : يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومي هذا البداء ، ولا أكذّب به إن شاء الله.
وفي مسألة حدوث الإرادة وكان ينكرها سليمان أيضا ، فأقام عليهالسلام البرهان عليه ، وفي آخر الخبر : فانقطع سليمان ، قال المأمون عند ذلك : يا سليمان هذا أعلم هاشمي ، ثم تفرّق القوم ولم يظهر منه الإقرار بالحدوث فضلا عن الرجوع إلى الحقّ والاعتراف بإمامته عليهالسلام فما المستند في الحكم به.
وأمّا ثالثا : فلأنه لو رجع إلى الحقّ لأشار إليه الصدوق في كلامه بعد إيراد الخبر ، حيث قال : كان المأمون يجلب على الرضا عليهالسلام من متكلمي الفرق وأهل الأهواء المضلّة كلّ من سمع به ، حرصا على انقطاع الرضا عليهالسلام عن الحجّة مع واحد منهم ، وذلك حسدا منه له ولمنزلته من العلم ، فكان لا يكلمه أحد إلاّ أقرّ له بالفضل والتزم الحجّة له عليه ، لأن الله تعالى ذكره يأبى إلاّ أن يعلى كلمته (٢). إلى آخر ما قال.
وأمّا رابعا : فلما في كشف الغمّة : بإسناده عن سليمان بن حفص المروزي ، قال : كان موسى بن جعفر (عليهما السّلام) سمّى ولده عليا :
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٧٩ / ١ ، التوحيد ٤٤١ / ١.
(٢) توحيد الصدوق : ٤٥٤.