المنصف لعلّه لا يستفيد منها إلاّ إبطال ما زعم من قطعيّة آحاد أخباره ، للشهادة المذكورة في خطبته وغيرها على منوال ما مرّ في حال أخيه الأكبر الكافي.
وأمّا صيرورتها سببا للوهن في الوثوق بها والظن بصدورها فهي أوهى حالا وأضعف بإلا من نيل هذا المقام ، ورأينا نقلها وذكر ما قيل أو يقال فيها خروجا عن الغرض من هذه الفائدة ، وهي شرح حال المشيخة على الطريقة المشهورة ، مع أن في التأمّل في الفائدة السابقة ما يكتفي به الطالب ، لاشتراك الكتابين في جملة من المطالب.
فنقول : قد سلك كلّ من مشايخنا الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (رضوان الله تعالى عليهم) في أسانيد كتابه مسلكا ما سلكه الآخر.
فالشيخ ثقة الإسلام جرى في الكافي على طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا ، وترك أوائل الاسناد ندرة اعتمادا على ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا ، وقد يتفق له الترك بدون ذلك أيضا ، فإن كان للمبتدء بذكره في السند طريق معهود متكرّر في الكتاب كأحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، وسهل بن زياد ، فالظاهر البناء عليه ، وإلاّ كان الحديث مرسلا ، ويسمّى مثله في الاصطلاح : معلّقا.
وأمّا رئيس المحدّثين الصدوق فإنّه بنى في الفقيه من أوّل الأمر على اختصار الأسانيد ، وحذف أوائل السند ، ثم وضع في آخره مشيخة يعرف بها طريقه إلى من روى عنه ، فهي المرجع في اتّصال سنده في أخبار هذا الكتاب ، وربّما أخلّ منها بذكر الطريق إلى بعض فيكون السند باعتباره معلّقا ، وسنذكر طريقة شيخ الطائفة في الفائدة الآتية إن شاء الله تعالى.