.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ، في موثّق غياث بن إبراهيم : «لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته» (١).
فإنّ الازدراد لو لم يكن ظاهراً فيما وصل إلى فضاء الفم فلا أقلّ من شموله له بالإطلاق ، لكن الشأن في تفسير النخامة ، فظاهر المحقّق في الشرائع : أنّها خصوص ما يخرج من الصدر (٢) ، لجعله النخامة قسيماً لما ينزل من الرأس ، وعن بعض اللغويّين وهو صاحب مختصر الصحاح عكس ذلك ، وأنّها اسمٌ لما ينزل من الرأس ، وأمّا ما يخرج من الصدر فيختصّ باسم النخاعة. وعن جماعة أُخرى من اللغويين كصاحب القاموس والمجمع والصحاح (٣) وغيرهم أنّهما مترادفتان ، فالنخامة هي النخاعة وزناً ومعنًى ، وهي اسمٌ لمطلق ما يخرج من أقصى الحلق من مخرج الخاء المعجمة ، سواء أكان مبدؤه الصدر أم الرأس.
فإن ثبت التفسير الأخير عمّ الحكم كليهما ، وإلّا نظراً إلى أنّ قول اللغوي غاية ما يوجبه الظنّ وهو لا يغني من الحقّ فإن تمّ ما استظهره المحقّق (قدس سره) من الاختصاص وهو من أهل الاستظهار والاطّلاع اختصّ الحكم بما يخرج من الصدر ، وإن لم يتمّ ذلك أيضاً واحتملنا العكس كما سمعت عن صاحب المختصر ، فحيث انّ المعنى حينئذٍ مردّد بين أمرين أو أُمور ، والتفاسير متعارضة من غير ترجيح في البين ، فلا مناص من الاحتياط بالاجتناب عن كلا الأمرين ، لعدم وضوح المراد ممّا حكم فيه بجواز الازدراد.
والحاصل : أنّ مقتضى الإطلاقات وجوب الاجتناب عن كلّ ما صدق عليه الأكل ، الشامل لما وصل إلى فضاء الفم ممّا خرج من الصدر أو نزل من الرأس كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ١٠٨ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٩ ح ١.
(٢) الشرائع : ٢٢٢.
(٣) القاموس ٤ : ١٨٠ ، مجمع البحرين ٦ : ١٧٤ ، الصحاح ٥ : ٢٠٤٠ نخم.