.................................................................................................
______________________________________________________
الكامل من الصوم هو الذي يتضمّن إمساك عامّة الجوارح ممّا حرّم الله عليها ، أمّا الصوم الصحيح فيكفي فيه الإمساك عن الأُمور المعيّنة فحسب.
ومقتضى ذلك مع قرينيّة التأكيد المزبور حمل أخبار الكذب على الله والرسول والأئمّة (عليهم السلام) على إخلاله بكمال الصوم لا بحقيقته ، فلا يكون الكذب مفطراً.
والجواب : أنّ الرواية الحاصرة أقصاها أن تكون دلالتها بالإطلاق ، فلا مانع من رفع اليد عنه بما دلّ على أنّ الكذب أو غيره أيضاً مفطرٌ على ما هو مقتضى صناعة الإطلاق والتقييد ، كما في غير المقام ممّا يأتي من المفطرات.
وهذا نظير ما دلّ من الأخبار على أنّ ناقض الوضوء هو ما خرج من الأسفلين ، ولكن دلّت الأدلة الأُخرى على أنّ زوال العقل والنوم والاستحاضة مبطلٌ أيضاً ، فلا منافاة بوجهٍ بين الحصر وبين الأدلة المقيّدة ، إذ هو لا يزيد على الظهور الذي لا مانع من رفع اليد عنه بعد قيام الدليل على التقييد.
وأمّا بقية الأخبار الدالّة على أنّ الغيبة والسبّ ومطلق الكذب مضرٌ بالصوم فهي بحسب السند ضعيفة ، ولو فرض وجود الموثّق فيها فهي محمولة على نقض الكمال دون الحقيقة ، وإنّ أوهمه قول السائل : هلكنا ، وذلك لقيام التسالم حتى من العامّة عدا من شذّ على عدم كونها مفطراً ، فقياس المقام عليه مع الفارق الواضح كما لعلّه ظاهر.
المناقشة الثالثة : أنّ بعض تلك النصوص كموثقة أبي بصير مشتمل على ما لا يقول به أحد من علماء الفريقين ، وهو نقض الوضوء بالكذب على الله أو الرسول ، فلا بدّ من الحمل على النقض بالعناية بإرادة نقض مرتبة الكمال ، حيث إنّ الشخص المتطهّر لا ينبغي له أن يكذب على الله ورسوله ، لأنّه لا يلائم روحانيّته الحاصلة من الوضوء.