.................................................................................................
______________________________________________________
الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (١) حيث حكم تعالى عليهم بالكذب بمجرّد المخالفة لاعتقادهم وإن كان ما أخبروا به من رسالة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) مطابقاً للواقع فقد تحقّق البطلان في المقام بمجرّد الإخبار وإن انكشف بعد ذلك أنّه كان مطابقاً للواقع ، لتحقّق موضوعه بتمامه ، وهو التعمّد إلى الإخبار بما يعتقد خلافه ، الذي هو المناط في الكذب حسب الفرض.
وإن فسّرناه كما هو الظاهر بأنّه الإخبار على خلاف الواقع وأنّ الاعتقاد طريقٌ إليه والآية المباركة لا تنافيه لما قيل في محلّه من أنّ تكذيبهم راجع إلى قولهم : نشهد أنّك ... إلخ فحينئذٍ إن كان مخالفاً للواقع فقد تعمّد الكذب وبطل صومه ، وأمّا إذا انكشف أنّه مطابقٌ للواقع فهو وإن لم يرتكب المفطر لانتفاء الكذب فلا كفّارة عليه ، وإلّا أنّه مع ذلك يبطل صومه من أجل نيّة المفطر ، فالصوم باطل على كلّ حال ، طابق الواقع أم خالف ، وإنّما الفرق من حيث ترتّب الكفّارة وعدمه.
وأمّا مع الظن فحيث إنّه لا دليل على حجّيّته فيلحق بالشكّ ، وحكمه عدم جواز الإخبار بدون العلم بالواقع على صورة الجزم ، سواء أكان ظانّاً به أم بعدمه أم شاكّاً ، وهذا ممّا لا كلام فيه حسبما دلّت عليه الآيات ، التي منها قوله تعالى (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢).
وإنّما الكلام في إبطاله للصوم ، فربّما يقال بعدم البطلان ، نظراً إلى الشكّ في مخالفته للواقع ، الموجب للشكّ في حصول الإفطار به ، فيرجع إلى أصالة البراءة ، بل لا حاجة إلى التمسّك بالأصل ، للعلم بعدم المفطريّة واقعاً ، لأنّه إن كان مطابقاً للواقع فلا كذب أصلاً ، وإن كان مخالفاً فلا تعمّد إليه ، فإنّ المفطر خصوص
__________________
(١) المنافقون ٦٣ : ١.
(٢) يونس ١٠ : ٦٨.