.................................................................................................
______________________________________________________
المتجرّي للعقاب. وعلى أيّ تقدير ، فتعلّق الكفّارة منوط بتحقّق المفطر ، وهو مشكوك حسب الفرض ، فيرجع في نفيها إلى أصالة البراءة.
ونظير المقام ما ذكره الشيخ (قدس سره) في باب العلم الإجمالي (١) والفقهاء في باب الحدود من أنّ من شرب أحد المائعين المعلوم خمريّة أحدهما إجمالاً فهو وإن كان آثماً ومستحقّاً للعقاب إلّا أنّه لا يجري عليه الحدّ ، لأنّه منوط بشرب الخمر واقعاً ، ولم يحرز ، وكذلك لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما ، لعدم إحراز الملاقاة للنجس ، فإنّ الكلّ من واد واحد ، وضابطه : أنّه لو شكّ في تحقّق موضوع ذي حكم يرجع في نفي حكمه إلى أصالة البراءة.
وأمّا من ناحية صحّة الصوم والاجتزاء به في مقام الامتثال فالظاهر هو البطلان ، لعروض الخلل من ناحية النيّة ، إذ على تقدير كون المرموس أصلياً لم يكن ناوياً للصوم بطبيعة الحال ، للتنافي بينهما ، فلم يكن ناوياً للصوم على كلّ تقدير ، بل على تقدير خاصّ ، وهو عدم كون المرموس أصليّاً ، وهذا لا ينفع ، بل لا بدّ للصائم أن يكون ناوياً لصومه في جميع الحالات ، وعلى جميع التقادير كما لا يخفى.
وعليه ، فيفرق بين الكفّارة وبين البطلان فلا يحكم بالأوّل ، لعدم إحراز الإفطار ، ويحكم بالثاني ، لانثلام النيّة وعدم الجزم بها بعد تنجّز التكليف الواقعي عليه بمقتضى العلم الإجمالي.
ومن ذلك كلّه يظهر الحال في المسألة الآتية ، وهي ما لو علم إجمالاً بأنّ أحد المائعين ماءً ، فإنّه بعينه مثل ما لو علم إجمالاً بأنّ أحد العضوين رأسٌ فيجري فيه ما مرّ من التفصيل بين الكفّارة والبطلان بعد ما كان العلم الإجمالي منجّزاً والأُصول متعارضة حتّى أصالة عدم كون هذا المائع ماءً بنحو العدم الأزلي
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٢٣٩.