.................................................................................................
______________________________________________________
وملخّصه : أنّ المشهور ومنهم صاحب الكفاية (١) ذهبوا إلى صحّة الغسل أو الوضوء بالماء المغصوب جهلاً ، نظراً إلى أنّ المانع من التقرّب إنّما هي الحرمة المنجّزة لا مجرّد الوجود الواقعي ، وحيث لا تنجّز مع الجهل فلا مانع من فعليّة الحكم الآخر وهو الأمر بالغسل أو الوضوء لعدم المانع من التقرّب حينئذٍ ، وقد زعموا أنّ المقام مندرج في باب اجتماع الأمر والنهي ، الذي هو من صغريات باب التزاحم ، ومن المعلوم أنّه لا تزاحم إلّا في صورة العلم دون الجهل ، ولذلك ألحقوا الجهل بالنسيان المحكوم فيه بالصحّة بلا كلام.
ولكن التحقيق هو البطلان ، لكون المقام من باب التعارض دون التزاحم ، وليس التركيب فيه انضماميّاً ليكون من موارد اجتماع الأمر والنهي ، حتّى يتجه التفصيل بين الحرمة المنجّزة بالعلم فلا يمكن التقرّب عندئذٍ لكونهما بإيجادٍ واحد ، وبين صورة الجهل فيمكن التقرّب حينئذٍ بالأمر ، بل التركيب اتّحادي ، ضرورة أنّ الغسل أو الوضوء بالماء المغصوب متّحدٌ مع التصرّف فيه ، فهو من باب النهي عن العبادة لا من باب الاجتماع ، فلا يكون إلّا من باب التعارض دون التزاحم ، فإذا قُدّم جانب النهي كان تخصيصاً في دليل الواجب ، فيخرج مورد الحرمة بحسب الواقع عن مورد الوجوب ، إذ الحرام لا يكون مصداقاً للواجب ، ومن الواضح عدم الفرق في ذلك بين صورتي العلم والجهل ، إذ التركيب اتّحادي والتخصيص واقعي ، ولا يناط ذلك بعلم المكلف أو جهله ، ولذلك نقول : بأنّه على المشهور المنصور من أنّ نفقة الزوجة على الزوج دينٌ عليه لا مجرّد وجوب ، كما في الإنفاق على الوالدين أو الولد ، فلو أنفق على زوجته من مالٍ مغصوب لم تبرأ ذمّته وإن كان عن جهل ، إذ الحرام لا يكون مصداقاً للواجب.
__________________
(١) الكفاية : ١٥٦ ١٥٧.