.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن هذا مبني على انصراف الاحتقان إلى المائع وأنّ الجامد ليس من الاحتقان في شيء كما هو الصحيح حسبما عرفت ، إذ عليه يُشَكّ في صدق الاحتقان على استعمال هذا الموجود الخارجي وأنّه حرامٌ ومفسدٌ للصوم أم لا ، والمرجع في مثله من الشبهة البدوية التحريميّة هو البراءة كما هو ظاهر.
وأمّا على المبنى الآخر وأنّ الاحتقان في حدّ نفسه يعمّ المائع والجامد وقد خرجنا عن الإطلاق بما دلّ على عدم البأس في استعمال الجامد كموثّقة ابن فضّال المتقدّمة (١) ، وقيّدنا الإطلاق بالموثّقة ، ولولاها لقلنا بالبطلان مطلقاً. فبناءً على هذا المبنى يجب الاجتناب عن المشكوك فيه ولا يجوز استعماله ، نظراً إلى ما هو الصحيح على ما بيّناه في الأُصول (٢) من أنّ المخصّص إذا كان عنواناً وجوديّاً فالباقي تحت العامّ أو المطلق بعد التخصيص أو التقييد هو ما لم يكن بذاك العنوان الخاصّ ، فهو معنون بعنوان وجودي بل بعنوان عدمي ، وعليه فالباقي تحت العامّ في المقام بعد إخراج الجامد هو كلّ احتقان لا يكون بجامد ، لا الاحتقان المعنون بكونه بالمائع ، فالموضوع للبطلان مركّب من جزئين : الاحتقان ، وأن لا يكون جامداً. والأوّل محرَز بالوجدان ، والثاني بأصالة عدم كونه جامداً ولو بأصل العدم الأزلي ، فيلتئم الموضوع ويترتّب الحكم من الحرمة والبطلان ، ولا يعارَض بأصالة عدم كونه مائعاً ، لعدم ترتّب الأثر عليه حسبما عرفت ، إذ ليس المائع موضوعاً للحكم ، وإنّما الموضوع هو الجامد.
وعلى الجملة : فما ذكره (قدس سره) مبني على انصراف الاحتقان في نفسه إلى المائع. وأمّا إذا كان بإطلاقه يشمل الجامد وقد خرج عنه بدليل خارجي
__________________
(١) في ص ٢٤٢.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٢٠٧ ٢٠٨.