.................................................................................................
______________________________________________________
وإنّما يتّجه التقييد في العناوين الكلّيّة ، كما تكرّرت الإشارة إليه في مطاوي هذا الشرح.
ومن ثمّ حكمنا بصحّة الاقتداء خلف من في المحراب بعنوان أنّه زيد فبان أنّه عمرو وإن كان ذلك بنحو التقييد ، إذ لا يعقل التقييد لدى التحليل ، فإنّ الاقتداء جزئي خارجي دائر أمره بين الوجود والعدم ، ولا إطلاق فيه كي يقيَّد.
وجميع هذه الموارد وما شاكلها إنّما هي من باب تخلّف الداعي دون التقييد.
وكيفما كان ، فليس الوجوب والاستحباب مثل الأداء والقضاء فإنّهما من خصوصيّات الأمر ، وهذان من خصوصيّات المأمور به ، وهذا هو الفارق الموجب للزوم تعلّق القصد بالثاني دون الأوّل ، فلا يقاس أحدهما بالآخر.
هذا على مسلك المشهور من كون الوجوب والاستحباب مجعولين شرعاً.
وأمّا على ما هو التحقيق من أنّهما بحكومة العقل ومنتزعان من اقتران طلب المولى بالترخيص في الترك وعدمه ، وأنّه على الثاني يستقلّ العقل بمقتضى قانون العبوديّة والمولويّة بوجوب الطاعة دون الأوّل فالأمر أوضح ، لعدم كونهما حينئذٍ لا من خصوصيّات المأمور به ولا من خصوصيّات الأمر.
وأمّا سائر الخصوصيات والأوصاف الشخصيّة فمن الضروري عدم لزوم تعلّق القصد بها ، لعدم دخلها في المأمور به كالأمر بوجه ، ولا يخلو عنها أيّ فرد ، فإنّ صيام رمضان هذا العام بقيد أنّه عام ثلاثة وتسعين بعد الألف والثلاثمائة وفي الخريف من الفصول لا مدخل له في الصحّة لتلزم النيّة ، وما أكثر تلك الخصوصيّات ، فلو قصدها وأخطأ لم يقدح في الصحّة. وقد تقدّم أنّ العبادة تتقوّم بركنين : الإتيان بذات العمل ، وقصد القربة الخالصة ، ولا يعتبر شيء آخر أزيد من ذلك.