.................................................................................................
______________________________________________________
بالقضاء عامّة من حيث العالم والجاهل ، فيتعارضان في مورد الاجتماع وهو الجاهل من حيث الحكم بالقضاء ، فإنّه غير واجب بمقتضى الروايتين ، وواجب بمقتضى الإطلاقات ، وبعد تساقط الإطلاقين المتعارضين وإن كان بالعموم من وجه على ما بيّناه في بحث التعادل والتراجيح (١) يرجع إلى الأصل ، وهو أصالة البراءة من تقيّد الصوم بذلك ، كما هو الشأن في الدوران بين الأقل والأكثر.
ويندفع أوّلاً : بأنّ الإطلاقات السابقة تتقدّم ، وذلك من أجل أنّ تقييد الحكم بالعلم به وإن كان أمراً ممكناً في نفسه بأن يؤخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه ، بل هو واقع كما في باب القصر والتمام والجهر والإخفات ، وما ذكر من استحالته لاستلزام الدور قد أجبنا عنه في محلّه ، فهو في نفسه أمر ممكن ولكن لا شكّ أنّه بعيد عن الأذهان العرفيّة بمثابة ذهب جماعة كثيرون إلى استحالته واحتاجوا إلى التشبّث بتوجيهات عديدة في موارد الوقوع كالمثالين المزبورين ، منها ما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) من الالتزام باختلاف المرتبة في الملاك بحيث لا يمكن استيفاء المرتبة الراقية بعد اشتغال المحلّ بالدانية ولأجله يعاقَب (٢).
وعلى الجملة : تقييد الحكم في هذه المطلقات بالعالمين به ممّا يأباه الفهم العرفي جدّاً ولا يساعد عليه بوجه ، بل هو يرى أنّ الحكم كغيره له نحو ثبوت وتقرّر قد يعلم به الإنسان وأُخرى يجهله إمّا عن قصور أو تقصير ، فلا مناص من التحفّظ على هذه الإطلاقات وتقييد الروايتين بنفي الكفّارة فقط.
وثانياً : لو أغمضنا عن ذلك وفرضنا أنّ التقييد غير بعيد فهاتان الروايتان قاصرتان عن الإطلاق في نفسهما ولا تعمّان القضاء بوجه ، بل تختصّان بنفي
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٤٢٧.
(٢) كفاية الأُصول : ٢٦٦ ٢٦٧.