.................................................................................................
______________________________________________________
الإفطار وترك الصوم الناشئة من كون الصوم والإفطار ضدّين لا ثالث لهما صحّ إسناد أثر أحدهما إلى الآخر مجازاً وبنحوٍ من العناية ، فيقال : إنّ الإفطار موجب للقضاء ، مع أنّ الموجب لازمه وهو ترك الصوم كما عرفت.
وهذا نظير من أحدث في صلاته أو تكلّم متعمّداً ، فإنّه موجب للبطلان ، إلّا أنّ الإعادة أو القضاء ليس من آثار الحدث أو التكلّم ، بل من آثار ترك الصلاة وعدم الإتيان بها على وجهها الذي هو لازم فعل المبطل ، فتسند الإعادة إليه تجوّزاً ومسامحة ، فيقال : من تكلّم في صلاته متعمّداً فعليه الإعادة كما ورد في النصّ ، وهكذا الحال في الصحيحة ، فإنّ مفادها أنّه لا شيء عليه من ناحية ركوبه الأمر بجهالة ، فلا أثر للفعل الذي ارتكبه ، وذلك الأثر هو الكفّارة المترتّبة على الإفطار ، وأمّا القضاء فهو من آثار ترك الصوم فلا تشمله الصحيحة بوجه.
إذن فليس للروايتين إطلاق من الأوّل ، بل هما ينفيان الآثار المترتّبة على الفعل ولا ينظران إلى بقيّة الآثار المترتّبة على ملازم هذا الفعل ، فلا تعارض حتّى تصل النوبة إلى تساقط الإطلاقين والرجوع إلى الأصل العملي.
وتوضيح المقام : أنّا قد ذكرنا في الأُصول عند التكلم حول حديث الرفع (١) : أنّ المرفوع لا بدّ أن يكون أحد أمرين : إمّا الحكم المتعلّق بالشيء ، أو الحكم المترتّب على الشيء ، بحيث يكون هذا الشيء الذي تعلّق به النسيان أو الإكراه أو غيرهما موضوعاً بالإضافة إليه ، فمعنى رفعه في عالم التشريع عدم كونه متعلقاً للحكم الثابت له في حدّ نفسه ، أو عدم كونه موضوعاً للحكم المترتّب عليه في حدّ نفسه ، فبحسب النتيجة يفرض وجوده كالعدم وكأنه لم يكن ، فإذا اضطرّ أو نسي أو أُكره على شرب الخمر مثلاً فمعنى رفعه أنّ هذا الشرب لا يكون متعلّقاً للحرمة الثابتة له في حدّ نفسه ، كما أنّه لا يكون موضوعاً للحكم
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٦٦ ٢٦٩.