.................................................................................................
______________________________________________________
المقام وبين الجاهل بالمفطريّة فرقاً؟
قد يقال بالفرق وأنّ القول بالصحّة في الأول لا يلازم القول بالصحّة هنا ، نظراً إلى أنّ موضوع الموثّقة أو الصحيحة هو الصائم مع الجهل بكون هذا مفطراً ، ومحلّ الكلام بعكس ذلك ، فإنّه يعلم بالمفطريّة ويجهل بصومه ، فالتعدّي إلى المقام بلا موجب. وعليه ، فحتى لو قلنا بعدم البطلان هناك لأجل الموثّقة أو الصحيحة نلتزم بالبطلان هنا ، ولعلّه لأجل ذلك تردّد المحقّق (قدس سره) في المسألة الاولى مع جزمه هنا بالبطلان (١).
ولكن الظاهر عدم الفرق.
أمّا أوّلاً : فلأن دليل الصحّة في تلك المسألة لم يكن منحصراً بالموثّقة ليقال : إنّ الموضوع فيها هو الصائم مع الجهل بالمفطريّة والمقام بعكس ذلك. فمع الغضّ عن هذه تكفينا صحيحة عبد الصمد «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة» إلخ (٢) ، فإنّها غير قاصرة الشمول للمقام ، فإنّ من أكل معتقداً فساد صومه يصدق في حقّه أنّه ركب أمراً بجهالة ، فإذا كان قوله (عليه السلام) فيها : «لا شيء عليه» شاملاً للقضاء ولأجله حكم بالصحة في فرض الجهل لم يكن عندئذٍ فرقٌ بين المقامين وشملهما الصحيحة بنطاق واحد كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ الموثّقة (٣) بنفسها أيضاً شاملة للمقام ، إذ لم يؤخذ فيها شيء من الأمرين لا عنوان كونه صائماً ولا كونه جاهلاً بالمفطريّة ، بل الموضوع فيها إتيان الأهل في شهر رمضان وهو لا يرى أنّ هذا محرّم عليه ، وهذا كما ترى صادق على الموردين معاً ، فكما أنّ من يعلم صومه ويجهل بالمفطريّة كتخيّل
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٦٦٢.
(٢) المتقدمة في ص ٢٧٠.
(٣) أي موثّقة زرارة وأبي بصير المتقدّمة في ص ٢٢٠.