.................................................................................................
______________________________________________________
تقدّم الكلام حول ذلك بالمناسبة في مطاوي بعض الأبحاث السابقة وذكرنا أنّ روايات التقيّة وهي كثيرة جدّاً على قسمين :
أحدهما وهو الأكثر ـ : ما دلّ على وجوب التقيّة تكليفاً ، كقوله (عليه السلام) «من لا تقيّة له لا دين له» (١) وقوله (عليه السلام) : «التقيّة ديني ودين آبائي» (٢) ، إلى غير ذلك من الأخبار الآمرة بالتقيّة بهذا اللسان أو بغيره ، نظير التقيّة من الكفّار في قوله تعالى (إِلّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (٣) إلخ.
فإنّ هذه الروايات لا تدلّ على صحّة العمل أبداً ، بل غايتها الحكم التكليفي ، وأنّ من الواجبات الإلهية التقيّة وعدم إظهار المخالفة ، فيجوز كلّ ما لم يكن جائزاً في نفسه ، بل قد يجب بالعنوان الثانوي.
ثانيهما : ما دل على صحّة العمل وأنّه يؤجَر عليه ، بل يكون أجرة زائداً على عمله. وهذا كما في باب الصلاة ومقدّماتها من الوضوء وغيره ، فقد ورد في بعض النصوص أنّه لو صلّى معهم تقيّةً يكون ثواب جميع المصلّين له ، وأنّ الرحمة الإلهية تنزل من السماء فإن لم تجد أهلاً رُفِعت وإلّا أصابت أهلها وإن كان شخصاً واحداً ، ولأجله كان ثواب جميع من في المسجد لذلك المتّقي (٤).
وبالجملة : دلّت النصوص الكثيرة على الإجزاء في باب الصلاة ، بل في بعضها التصريح بعدم الحاجة إلى الإعادة متى رجع إلى بيته ، فاستكشفنا من هذه النصوص أنّ الصلاة أو الوضوء تقيّة تقوم مقام العمل الصحيح ، بل تزيد عليه كما عرفت.
وأمّا غير الصلاة ومقدّماتها من الحجّ أو الصوم ونحوهما فلم نجد أيّ دليل
__________________
(١) انظر الوسائل ١٦ : ٢١٠ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٤ ح ٢٤.
(٢) انظر الوسائل ١٦ : ٢١٠ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٤ ح ٢٤.
(٣) آل عمران ٣ : ٢٨.
(٤) انظر الوسائل ٨ : ٢٩٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥ ح ٣.