.................................................................................................
______________________________________________________
القاعدة في كافة الأوامر الاضطراريّة بالنسبة إلى المأمور به الواقعي.
ولكن هذا التقريب يتوقّف على إحراز أنّ التقية الواجبة تنطبق على ذات العمل ، وهو غير واضح ، ومن المحتمل جدّاً أن يكون الواجب هو الاتّقاء وحفظ النفس ، ويكون العمل مقدّمةً له وما به تتحقّق التقيّة ، فلا دلالة حينئذٍ على الإجزاء ، نظير التكلّم في الصلاة مثلاً تقيّةً من مشرك كي لا يعلم بإسلامه فيقتله ، فإنّه لا يمكن القول بصحّة العمل وكونه مجزئاً وإن ساغ له التكلّم لمكان الاضطرار والتقيّة ، بل إنّ تطرّق هذا الاحتمال بمجرّده كافٍ في سقوط الاستدلال كما لا يخفى.
ثمّ إنّا لو فرضنا تماميّة نصوص التقيّة ولا سيّما الروايتين المتقدّمتين في الدلالة على الإجزاء. فلا يفرق الحال بين ما لا يرونه مفطراً حال الصوم كالارتماس ، وبين ما يرونه مفطراً إلّا أنّهم لا يرون وجوب الصوم وقتئذٍ كالأكل مثلاً في يوم عيدهم ، لشمول الأدلّة لكلا القسمين بمناط واحد ، فإنّ الصوم عبارة عن الإمساك عن مجموع المفطرات في مجموع النهار ، وكما أنّه مضطرّ في القسم الأوّل إلى ارتكاب خصوص الارتماس تقيّةً مع التمكّن عن الاجتناب عن بقيّة المفطرات في سائر الآنات ، فكذا في القسم الثاني فإنّه يضطرّ أيضاً إلى خصوص الأكل مثلاً في هذه الساعة الخاصّة كي لا تتبيّن لهم المخالفة مع القدرة على الاجتناب عن سائر المفطرات في بقيّة النهار ، ولا يكون هذا من باب ترك الواجب رأساً حتّى يقال : إنّ الأدلّة إنّما تدلّ على إجزاء الفعل الناقص عن الكامل لا إجزاء الترك رأساً عن الفعل ، ضرورة أنّ في هذا القسم أيضاً لم يترك المأمور به بالكلّيّة ، وانّما هو من قبيل الفعل الناقص حسبما عرفت.
نعم ، لو اقتضت التقيّة في موردٍ ترك المأمور به رأساً ، كما لو فرضنا أنّ ترك الصلاة من أوّل الفجر إلى طلوع الشمس موردٌ للتقيّة ، لم يكن هذا الترك