.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّ تعليله (عليه السلام) التحذير بما وجده في نفسه عند مضغه (عليه السلام) دليلٌ قاطع على الجواز ، وإلّا فلا يحتمل ارتكابه (عليه السلام) للحرام ، غايته أنّه مكروه ولأجله حذّره عنه.
وعليه يُحمَل النهي الوارد في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : قلت : الصائم يمضغ العلك؟ «قال : لا» (١).
وبالجملة : فلا إشكال في جواز المضغ وجواز بلع الريق المجتمع حال المضغ وإن وجد له طعماً ، بمقتضى الإطلاق بل وصريح صحيح ابن مسلم ، ولكن فيما إذا كان ذلك لأجل المجاورة كما هو المتعارف عند مضغه ، دون ما إذا كان بتفتّت أجزائه ، لصدق الأكل المفطر حينئذ.
وقد يقال بعدم البأس في صورة التفتّت فيما إذا كانت الأجزاء المتفتّتة مستهلكة في الريق ، إذ لا موضوع حينئذٍ كي يصدق معه الأكل ، نظير استهلاك التراب اليسير في الدقيق المصنوع منه الخبز ، فإنّه لا مانع من أكله ولا يعدّ ذلك أكلاً للتراب المحرّم ، لانتفاء الموضوع بنظر العرف ، وإنّما يتّجه المنع في المقام في فرض عدم الاستهلاك.
ويندفع : بأنّ الممنوع لو كان هو الأكل لأمكن المصير إلى ما أُفيد ، إلّا أنّ الواجب على الصائم إنّما هو الاجتناب عن الطعام والشراب أي المأكول والمشروب بمقتضى صحيحة ابن مسلم : «لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب» إلخ ، ولا ينبغي الريب في عدم صدق الاجتناب عن المأكول فيما إذا بلع الأجزاء المتفتّتة من العلك وإن كانت مستهلكة في الريق ، فإنّ الاستهلاك المزبور غير مجدٍ في صدق الاجتناب وإن منع عن صدق الأكل ، فلو فرضنا أنّ الصائم أخذ من السكّر مقداراً يسيراً كحبّة مثلاً فمزجه بريقه إلى أن استهلك ، ثمّ أخذ حبّة
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ١٠٥ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٦ ح ٢.