.................................................................................................
______________________________________________________
وعليه ، فلو فرضنا أنّه مع جهله بالحكم الواقعي عالمٌ بالحكم الظاهري أعني : وجوب الاحتياط كما لو كانت الشبهة من الشبهات الحكميّة قبل الفحص التي لا يسع فيها الرجوع إلى البراءة ، فاقتحم فيها ثمّ انكشف الخلاف ، فإنّ شيئاً من الروايتين لا يشمل ذلك بتاتاً ، إذ قد كان الحكم الظاهري معلوماً لديه وكان مكلّفاً بالاحتياط والاجتناب عقلاً ، بل ونقلاً ، للنصوص الآمرة بالوقوف عند الشبهة ، المحمولة على ما قبل الفحص ، ومع ذلك قد ركب هذا الأمر لتجرّئه لا لجهله ، فلا يصدق أنّه ارتكبه بجهالة ، ولا أنّه يرى أنّه حلال له ، بل عن علمٍ بالحرمة وبوجوب الاجتناب ، غاية الأمر أنّ الوجوب ظاهري لا واقعي.
والحاصل : أنّه وإن عمّمنا الحكم بالنسبة إلى الجاهل القاصر والمقصّر حسبما عرفت ، إلّا أنّه لا بدّ أن يكون الجاهل على نحوٍ لم يؤمر بالاجتناب عن هذا الشيء أمراً فعليّاً ، فلا يشمل الجاهل الملتفت المتردّد بين الأمرين بحيث لا يدري أنّ هذا مفطر أم لا ويحكم عقله بالاحتياط ، إذ ليس له والحال هذه أن يرتكب ، فلو ارتكب دخل في الإفطار متعمّداً ، فيحكم عليه بوجوب الكفّارة.
نعم ، لو كان مقصّراً من الأوّل فلم يسأل إلى أن جاء وقت العمل وكان حينئذٍ غافلاً أو معتقداً بالجواز ، لم يكن عليه حينئذٍ شيء كما عرفت.
ثمّ إنّ الظاهر من الجهالة في الصحيح وكذا الحلّيّة في الموثّق : هي الجهالة المطلقة ، والحلّيّة بكلّ معنى الكلمة الشاملة للتكليفيّة والوضعيّة ، بحيث يكون مطلق العنان له أن يفعل وأن لا يفعل ، فلو كان عالماً بالحرمة التكليفيّة جاهلاً بالوضعيّة كمن لم يعلم بمفطريّة الاستمناء أو الكذب على الله ورسوله مع علمه بحرمتهما ، أو لم يعلم بأنّ السباب من تروك الإحرام مع العلم بحرمته في نفسه فالظاهر أنّه غير داخل في شيء من الروايتين ، إذ كيف يصحّ أن يقال :