وأمّا لو أفطر متعمّداً ثمّ عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ، ففي السقوط وعدمه وجهان ، بل قولان ، أحوطهما الثاني (*) ، وأقواهما الأوّل.
______________________________________________________
تبييت النيّة ، فهل هذا الحكم المتأخّر أعني : البطلان اللّاحق يستوجب سقوط الكفّارة الثابتة على تقدير عدم السفر؟
كأنّ المتسالم عليه عند الأصحاب بل ممّا ادّعي عليه الإجماع هو عدم السقوط ، ولا سيّما إذا سافر اختياراً للفرار عنها ، وهذا هو الصحيح.
والوجه فيه : أنّ المستفاد من قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا) (١) إلى قوله (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) إلخ (٢) : أنّ كلّ مكلّف مأمور في شهر رمضان بالإمساك عن الأكل والشرب من بعد طلوع الفجر وقد قيل : إنّ حقيقة الصوم هو الكفّ عن خصوص الطعام والشراب وقد الحق بهما بقيّة المفطرات وبإتمام الصيام إلى الليل ، وقد استثني من ذلك المريض والمسافر. وظاهره من كان كذلك بالفعل ، وأمّا من يكون مسافراً فيما بعد فهو غير داخل في الاستثناء ، بل تشمله الآية المباركة من النهي عن الأكل والشرب بعد طلوع الفجر ، فهو مأمور بالإمساك ما لم يتلبّس بالسفر.
وكذلك الروايات ، حيث تضمّنت المنع عن تناول المفطر قبل أن يخرج المسافر إلى حدّ الترخّص ، فإذا تناوله يصدق أنّه أفطر في شهر رمضان متعمّداً ،
__________________
(*) هذا الاحتياط لا يترك.
(١) البقرة ٢ : ١٨٧.
(٢) البقرة ٢ : ١٨٤.