.................................................................................................
______________________________________________________
فإذا فرضنا أنّ الفعل المكرَه عليه يصدر عن المكرِه على وجه سائغ ، والإكراه أيضاً بشيء هو سائغ للمكره ، كما لو كانت المرأة مستطيعة ولكن الزوج لا تسمح له نفسه بذهابها إلى الحجّ ، فيعدم موضوع الاستطاعة بالإكراه ، فيقول : إن ذهبتِ إلى الحجّ طلّقتكِ أو تزوجت عليكِ اخرى وكلّ من الطلاق والتزوج حرج عليها ، وهو أمر سائغ في الشريعة المقدّسة ، حتّى ابتداءً ومن غير إكراه ، أفهل هناك مانع من جواز هذا الإكراه؟
والمقام من هذا القبيل ، فإنّ تمكين الزوجة الصائمة وإن كان حراماً إلّا أنّه بالإكراه يرتفع موضوع الحرمة بمقتضى حديث الرفع فيصدر عنها الفعل بنحو سائغ ، فإذا أكرهها الزوج بالتوعيد بشيء هو سائغ له من الطلاق ونحوه فأيّ مانع من هذا الإكراه؟! وعلى الجملة : لم يقم أيّ دليل على هذه الكبرى أعني : عدم جواز الإكراه على ما ليس له فيه حقّ فإنّه وإن لم يكن له حقّ في العمل المكره عليه إلّا أنّه قد يكون له حقّ آخر ، وهو الحقّ فيما به يتحقّق الإكراه والتوعيد ، نظراً إلى حلّيّته وجوازه وأنّه أمر سائغ له حلال عليه مرخّص في ارتكابه شرعاً ، كالطلاق أو التزويج بامرأة اخرى ونحوهما ممّا عرفت.
فهذه الكبرى غير ثابتة ولا نناقش في المسألة من هذه الجهة ، وإنّما الذي ينبغي التكلّم فيه هو أنّه هل يجوز الإكراه على أمرٍ محرّم في نفسه ولو كان المتوعد عليه مباحاً؟ فإنّ الحرام الصادر عن المكرِه وإن كان حلالاً حال الإكراه بمقتضى حديث رفع الإكراه إلّا أنّ الشأن في أنّه هل يجوز إيجاد موضوع الجواز بالإكراه أو لا؟ فلا بدّ من البحث عن هذه النكتة التي هي مبنى المسألة ، لا البحث عن جواز الإكراه فيما لا حقّ له ، الذي لا ينبغي التأمّل في جوازه حسبما عرفت.