.................................................................................................
______________________________________________________
بالاطمئنان دون التهاون ، وكان عليه (قدس سره) أن يعبّر هكذا : نعم ، لا يجوز التأخير إلّا مع الاطمئنان من الأداء.
وأمّا ما ذُكِر وجهاً للفوريّة من أنّ البقاء على الذنب كحدوثه فهو إنّما يستقيم في مثل التوبة ، فإنّ العزم على المعصية بل التردّد فيها مبغوض ، ولا بدّ للمؤمن من أن يكون بانياً على عدم العصيان ، فلو ارتكب فلا بدّ من التوبة أي الندم على ما فعل والعزم على أن لا يفعل ، وهذا كلّه واجب دائماً ، لكونه من لوازم الإيمان ومن شؤون الإطاعة والعبوديّة ، وإلّا كان متجرّياً ، ولأجله كان وجوب التوبة فوريّاً.
وأمّا الكفّارة فليست هي من التوبة في شيء وإن أُطلق عليها هذا اللفظ في بعض النصوص ، وإنّما هي واجبة استقلالاً شُرِّعت عقوبةً على ما فعل ، ويعبَّر عنها بالغرامة أو الجريمة في اللغة الدارجة وليست رافعة لأثر الذنب بوجه ، كيف؟! ولو فرضنا شخصاً ثريّاً يفطر كلّ يوم متعمّداً ويكفّر عنه مع عزمه على العود في اليوم الآخر أفيحتمل ارتفاع أثر الذنب بالنسبة إليه بمجرّد تكفيره؟
وعلى الجملة : الكفّارة شيء والتوبة شيء آخر ، والرافع لأثر الذنب خصوص الثاني بمقتضى النصوص الكثيرة ، التي منها قوله (عليه السلام) : «التائب من الذنب كَمَن لا ذنبَ له» (١) ، وقد قال تعالى (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢) وأمّا الأوّل فلم يدلّ أيّ دليل على كونه رافعاً للذنب ، وإنّما هو واجب آخر جُعل تأديباً للمكلف وتشديداً في حقّه كي لا يعود ويرتدع عن الارتكاب ثانياً ، كما في كفّارة الإحرام ، فلا وجه لقياس أحدهما بالآخر.
__________________
(١) الوسائل ١٦ : ٧٤ ، ٧٥ / أبواب جهاد النفس ب ٨٦ ح ٨ ، ١٤.
(٢) الفرقان ٢٥ : ٧٠.