.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا الأوّل : فالظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في جوازه ، عملاً باستصحاب بقاء الليل وعدم دخول الفجر ، مضافاً إلى قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ) (١) إلخ ، فإنّ ظاهر الآية المباركة جواز الأكل ما لم يتبيّن ، والتبيّن وإن كان مأخوذاً في الموضوع على نحو الطريقيّة إلّا أنّ الاعتبار بنفس هذا الطريق ، فما لم يتبيّن لا مانع من الأكل.
وتدلّ عليه أيضاً صحيحة الحلبي ، قال (عليه السلام) فيها : «وكان بلال يؤذّن للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) وابن أُمّ مكتوم وكان أعمى يؤذّن بليل ، ويؤذّن بلال حين يطلع الفجر ، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم» (٢).
حيث دلّت على عدم الاعتناء بأذان ابن أُمّ مكتوم الأعمى الذي لا يفيد أذان مثله إلّا الشكّ وأنّه لا مانع من الأكل حينئذٍ ما لم يؤذّن بلال العارف بالوقت.
وعلى الجملة : فالحكم التكليفي ممّا لا إشكال فيه.
وإنّما الإشكال في الحكم الوضعي وهو القضاء بالنسبة إلى بعض الموارد ، وهو ما لو أكل شاكّاً أو غافلاً غير مراعٍ للوقت ثمّ علم بدخول الفجر ، ثمّ شكّ في المتقدّم منهما أي من الأكل والطلوع والمتأخر ، فإنّ المسألة تدخل حينئذٍ في الحادثين المتعاقبين اللذين يُشَكّ في السابق منهما واللاحق ، ولا يبعد أن يقلل حينئذٍ بتعارض الاستصحابين كما هو الشأن في كلّ حادثين كذلك ، فيعارض استصحاب بقاء الأكل إلى طلوع الفجر باستصحاب عدم الطلوع إلى نهاية
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٧.
(٢) الوسائل ١٠ : ١١١ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٢ ح ١.