.................................................................................................
______________________________________________________
بطلان الصوم في يوم الشكّ بعنوان رمضان ولو كان ذلك على سبيل الاحتمال والرجاء ، بل لا يبعد أن يقال : إنّ الروايات ناظرة إلى نفس هذه الصورة ، إذ من البعيد الاهتمام فيها بأمرٍ إمّا لا يقع خارجاً ، أو نادر الوقوع جدّاً ، وهو الصوم في يوم الشكّ بعنوان رمضان بنيّة جزميّة تشريعيّة ، أفهل يظنّ صدور ذلك من رواة هذه الأحاديث ، نظراء محمّد بن مسلم ، وهشام بن سالم ، وأضرابهم من الأكابر ، كي يهتمّ ذلك الاهتمام البليغ بردعهم ومنعهم؟! فمن القريب جدّاً أنّ النهي في هذه النصوص ناظر إلى ما هو المتعارف الخارجي ، ولا سيّما عند العوام من الصيام في نحو هذه الأيام بعنوان الاحتياط والرجاء كي لا يفوتهم الصوم من رمضان.
وبالجملة : فالروايات إمّا مختصّة بالرجاء ، أو أنّها مطلقة من هذه الجهة. وعلى التقديرين فتدلّ على البطلان في هذه الصورة.
وأمّا الثاني : فلأنّ الصيام في الصورة الثانية غير مشمول للنصوص الناهية ، لأنّها إنّما نهت عن صوم تعلّق بعنوان رمضان إمّا جزماً ، أو ولو احتمالاً حسبما عرفت ، وهذا لم يقصده حسب الفرض ، وإنّما قصد الطبيعي ، وقد ذكرنا سابقاً أنّ المأمور به في شهر رمضان هو طبيعي الصوم ولم يؤخذ فيه إلّا خصوصيّة عدميّة (١) ، وهي عدم قصد عنوان آخر ، وهي حاصلة في المقام ، لفرض عدم تعلّق القصد بعنوان آخر منافٍ لرمضان.
وعليه ، فلو انكشف بعدئذٍ أنّ اليوم من رمضان فقد أجزأ ، لأنّه قد أتى بمتعلّق الأمر على ما هو عليه ، فلا يدخل هذا الفرض في الأخبار الناهية بوجه.
فإن قلت : إنّ تلك الأخبار التي منها موثّقة سماعة كما تضمّنت النهي عن
__________________
(١) في ص ٢١.